الجأش. قال أبو علي : لم يرد به الضم بين شيئين ، وإنما أمر بالعزم والجد في الإتيان بما طلب منه ، ومثله قولهم :
اشدد حيازيمك للموت |
|
....................... |
فليس فيه شد حقيقة.
وقيل : في الآية تقديم وتأخير تقديره : ولّى مدبرا من الرّهب.
[٨٢١] فإن قيل : أيّ فائدة في تصديق هارون لموسى عليهماالسلام ؛ حتّى قال : (فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي) [القصص : ٣٤]؟
قلنا : ليس مراده بقوله ردءا يصدقني أن يقول له صدقت في دعوى الرسالة فإن ذلك لا يفيده عند فرعون وقومه الذين كانوا لا يصدقونه مع وجود تلك الآية الباهرة والمعجزات الظاهرة ؛ بل مراده أن يلخص حججه بلسانه ، ويبسط القول فيها ببيانه ، ويجادل عنه بالحق ، فيكون ذلك سببا لتصديقه. ألا ترى إلى قوله : (وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي) [القصص : ٣٤]. وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لما قلنا لا لقوله صدقت ، فإن سحبان وائل وباقلا في ذلك سواء.
[٨٢٢] فإن قيل : قوله تعالى : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ) [القصص : ٤٤] أي أحكمنا إليه الوحي مغن عن قوله تعالى : (وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) [القصص : ٤٤] أي من الحاضرين عند ذلك؟
قلنا : معناه وما كنت من الشاهدين قصته مع شعيب عليهالسلام فاختلفت القضيتان.
[٨٢٣] فإن قيل : كيف قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [القصص : ٥٠] وكم رأينا من الظالمين بالكفر والكبائر من قد هداه الله للإسلام والتوبة؟
قلنا : قد سبق مثل هذا السؤال وجوابه في سورة المائدة.
[٨٢٤] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) [القصص : ٦٤] وإنما يرى العذاب من كان ضالا لا مهتديا.
قلنا : جواب لو محذوف تقديره ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون لما اتبعوهم أو لما رأوا العذاب.
[٨٢٥] فإن قيل : كيف قال تعالى في آخر آية الليل (بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ) [القصص : ٧١] وقال في آخر آية النهار (بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ) [القصص : ٧٢]؟
قلنا : السماع والإبصار المذكوران لا تعلق لهما بظلمة الليل ولا بضياء النهار ، فلذلك لم يقرن الإبصار بالضياء ؛ وبيانه أن معنى الآيتين أفلا يسمعون القرآن سماع