الحروف ، وعلم التفسير الظاهر ، ثم رتّبها على أساس القريب والبعيد من القشر واللب.
القسم الثاني : علم اللباب ، وهو يتضمّن معرفة قصص القرآن ، وما يتعلق بالأنبياء ، وما يتعلق بالجاحدين والأعداء ، وعلم الكلام ، وعلم الفقه وأصوله ، والعلم بالله واليوم الآخر ، والعلم بالصراط المستقيم ...) (١).
ثم يعنون الفصل الخامس انشعاب سائر العلوم من القرآن فيقول : (ولعلك تقول إن العلوم وراء هذه كثيرة ، كعلم الطب ، والنجوم ، وهيئة العالم ، وهيئة بدن الحيوان ، وتشريح أعضائه ، وعلم السحر والطلسمات وغير ذلك ، فاعلم أنا إنما أشرنا إلى العلوم الدينية التي لا بد من وجود أصلها في العالم حتى يتيسّر سلوك طريق الله تعالى والسفر إليه ... ثم هذه العلوم ما عددناها وما لم نعدها ليست أوائلها خارجة عن القرآن فإن جميعها مغترفة من بحر واحد من بحار معرفة الله تعالى ، وهو بحر الأفعال وقد ذكرنا أنه بحر لا ساحل له ، وأن البحر لو كان مدادا لكلماته لنفد البحر قبل أن تنفد ، فمن أفعال الله تعالى ، وهو بحر الأفعال مثلا الشفاء والمرض ، كما قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليهالسلام : (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (٢) ، وهذا الفعل الواحد لا يعرفه إلا من عرف الطب بكماله إذ لا معنى للطب إلا معرفة المرض بكماله وعلاماته ، ومعرفة الشفاء وأسبابه ، ومن أفعاله تبارك وتعالى تقدير معرفة الشمس والقمر ومنازلهما بحسبان ، وقد قال الله تعالى : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) (٣) وقال تعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ... (٤) ولا يعرف حقيقة سير الشمس والقمر بحسبان وخسوفهما ، وولوج الليل في النهار ، وكيفية تكور أحدهما على الآخر ، إلا من عرف هيئات تركيب السموات والأرض ، وهو علم برأسه ، ولا يعرف كمال معنى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ
__________________
(١) المصدر نفسه ، ص : ٣٥.
(٢) سورة الشعراء ، الآية : ٨٠.
(٣) سورة الرحمن ، الآية : ٥.
(٤) سورة يونس ، الآية : ٥.