والعواطف والأحاسيس ، لأنه يصور لنا المشهد الأول ، واللقطة الأولى من الكون ساعة الانفصال.
وبجولة سريعة في كتب المفسرين ، يتكامل التصور الدقيق حول هذه المرحلة من خلال شرحهم لهذه الآية الكريمة ومعطياتها.
ففي «جامع البيان» : (يقول تعالى ذكره : أولم ينظر هؤلاء الذي كفروا بالله بأبصار قلوبهم فيروا بها ، ويعلموا أن السموات والأرض كانتا رتقا ، يقول : ليس فيهما ثقب ، بل كانتا ملتصقتين يقال منه : رتق فلان الفتق إذا شدّه ، فهو يرتقه رتقا ورتوقا ، ومن ذلك قيل للمرأة التي فرجها ملتحم : رتقاء ، ووحد الرّتق ، وهو من صفة السماء والأرض ، وقد جاء بعد قوله تعالى : (كانَتَا) لأنه مصدر ، مثل قول الزّور والصوم والفطر ، وقوله : (وَجَعَلْنا) يقول : فصدعناهما وفرجناهما ، ثم اختلف أهل التأويل في معنى وصف الله تعالى السموات والأرض بالرتق ، وكيف كان الرتق ، وبأيّ معنى فتق؟ قال ابن عباس : كانتا ملتصقتين ، فرفع السماء ووضع الأرض ...
وكان الحسن وقتادة يقولان : كانتا جميعا ففصل الله بينهما بهذا الهواء ، وقال آخرون : بل معنى ذلك أن السموات كانت مرتتقة طبقة ، ففتقها الله فجعلها سبع سماوات ، وكذلك الأرض كانت كذلك مرتتقة ، ففتقها فجعلها سبع أرضين) (١).
وفي تفسير «القرطبي» : (وقال : (رَتْقاً) ولم يقل رتقين ، لأنه مصدر ، والمعنى كانتا ذواتي رتق ... والرتق السد ضد الفتق ، وقد رتقت الفتق أرتقه فارتتق أي التأم ، ومنه الرتقاء للمنضمة الفرج ، قال ابن عباس وغيره : يعني أنها كانت شيئا واحدا ملتزقتين ففصل الله بينهما بالهواء ، وكذلك قال كعب : خلق الله السموات والأرض بعضها على بعض ثم خلق ريحا بوسطها ففتحها بها ، وجعل السموات سبعا والأرضين سبعا) (٢).
وفي «الجلالين» (كانتا رتقا ، سدّا بمعنى مسدودة : (فَفَتَقْناهُما) جعلنا السماء سبعا
__________________
(١) جامع البيان ، للطبري ، ١٧ / ١٣.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ، محمد بن فرح القرطبي ، تحقيق ، أحمد عبد العليم البردوني ، القاهرة ، دار الشعب ، الطبعة الثانية ، ١٣٧٢ ه ١١ / ٢٨٢ ، وانظر : تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير ٥ / ٦٩٢.