وفي «روح المعاني» : (والسماء ، أي وبنينا السماء بنيناها ، بأييد : أي بقوة ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة ، ومثله الآد ، وليس جمع يد ، وجوزه الإمام ، وإن صحت التورية به ، وإنا لموسعون ، أي لقادرون ، من الوسع بمعنى الطاقة ، فالجملة تذييل إثباتا لسعة قدرته عزوجل كل شيء ، فضلا عن السماء ، ... واليد بمعنى النعمة لا الإنعام ، وقيل : أي لموسعوها بحيث أن الأرض وما يحيط بها من الماء والهواء بالنسبة إليها محلقة في فلاة ، وقيل : أي لجاعلون بينها وبين الأرض سعة ، والمراد السعة المكانية) (١).
وفي تفسير «فتح القدير» : (وإنا لموسعون ، الموسع : ذو الوسع والسعة ، والمعنى إنا لذو سعة بخلقها وخلق غيرها ، لا نعجز عن ذلك ، وقيل : لقادرون ، من الوسع بمعنى الطاقة والقدرة ، وقيل : إنا لموسعون الرزق بالمطر) (٢).
ويقول ابن عاشور : (والموسع : اسم فاعل من أوسع ، إذا كان ذا وسع ، أي قدرة ، وتصاريفه جائية من السعة ، وهي امتداد مساحة المكان ضد الضيق) (٣).
ويقول سيد قطب رحمة الله : (والأيد : القوة ، والقوة أوضح ما ينبئ عنه بناء السماء الهائل المتماسك المتناسق ، بأي مدلول من مدلولات كلمة السماء ، سواء كانت تعني مدارات النجوم والكواكب ، أم تعني مجموعة من المجموعات النجمية التي يطلق عليها اسم المجرة ، وتحوي مئات الملايين من النجوم والكواكب ... والسعة كذلك ظاهرة ، فهذه النجوم ذات الأحجام الهائلة والتي تعد بالملايين ، لا تعد أن تكون ذرات متناثرة في هذا الفضاء الرهيب) (٤).
فكلمة تشير إلى الاستمرارية في البناء المتناسق ، وهذا نفي لكل ما قد يمور في سراديب عقل إنسان ، من أن الكون جامد ثابت لا حراك فيه ولا حركة ، وأنه ملازم صفة واحدة لا ينفك عنها.
وإذا ما رجعنا إلى معاجم اللغة وفتشنا عن معنى كلمة (موسع) وعن الأبعاد التي تعطينا إياها فسوف نجد ما يلي :
__________________
(١) روح المعاني ، للآلوسي ، ٢٧ / ١٧.
(٢) فتح القدير ، محمد بن علي الشوكاني ، ٥ / ٩١.
(٣) التحرير والتنوير ، محمد الطاهر ابن عاشور ، بيروت ، مؤسسة التاريخ ، الطبعة الأولى ، ١٤٢٠ ه / ٢٠٠٠ ، ٢٧ / ٣٦.
(٤) في ظلال القرآن ، لسيد قطب ، ٦ / ٣٣٨٥.