بالغة إلى أقسى الغايات في هذين الوصفين ، وهو المراد بكونها وهّاجا ، والوهج ، حر النار والشمس ، وهذا يقتضي أن الوهاج هو البالغ في الحر) (١).
ويقول الزمخشري : (وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) : (أي متلألئا وقّادا ، يعني الشمس ، وتوهجت النار ، إذا تلمظت فتوهجت بضوئها وحرها) (٢).
(وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) هي (الشّمس لقوله تعالى : (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) وقرئ ، سرجا وهي الشّمس والكواكب الكبار (وَقَمَراً مُنِيراً) مضيئا بالليل ، وقرئ قمرا أي ذات قمر ، وهي جمع قمراء ، ولما أنّ اللّيالي بالقمر تكون قمراء أضيف إليها ثمّ حذف وأجري حكمه على المضاف إليه القائم مقامه) (٣).
ويفرّق الألوسي تفريقا نفيسا بين الضوء والنور هاهنا فيقول : (وقيل : وسمي بذلك لأنه يقمر ضوء الكواكب ، وفي الصحاح لبياضه ، وفي وصفه ما يشعر بالاعتناء به ، وعلى الفرق المشهور بين الضوء والنور يكون في وصفه بمنير دون مضيء ، إشارة إلى أن ما يشاهد فيه مستفاد من غيره وهو الشمس) (٤).
ويسبق الرازي الألوسي بهذه الحقيقة وهذا التفريق فيقول : (ونقول : النور اسم لأصل هذه الكيفية ، وأما الضوء ، فهو اسم لهذه الكيفية إذا كانت كاملة تامة قوية ، والدليل عليه أنه تعالى سمى الكيفية القائمة بالشمس (الشَّمْسَ ضِياءً) والكيفية القائمة بالقمر (نُوراً) ولا شك أن الكيفية القائمة بالشمس أقوى وأكمل من الكيفية القائمة بالقمر) (٥).
ولو بحثنا في المعاجم عن معاني بعض المفردات الواردة في الآيات القرآنية ، لنرى أبعادها اللغوية من مثل «سراج ، منير ، ضياء» فلسوف نجد التالي :
في لسان العرب : (السراج : المصباح الزاهر الذي يسرج بالليل ، والشمس سراج النهار ، المسرجة بالفتح ، التي توضع فيها الفتيلة والدهن ، كما أنه بضوء السراج يهتدي الماشي ، السراج : الشمس ، وفي التنزيل : (وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) (٦).
__________________
(١) التفسير الكبير ، فخر الدين الرازي ، ٣١ / ٨.
(٢) الكشاف ، للزمخشري ، ٤ / ٢٠٧.
(٣) إرشاد العقل السليم ، أبو السعود العمادي ، ٦ / ٢٢٢.
(٤) روح المعاني ، للآلوسي ، ٥٠ / ١٩.
(٥) التفسير الكبير ، فخر الدين الرازي ، ١٧ / ٢١٠.
(٦) لسان العرب ، لابن منظور ، ٢ / ٢٩٧.