الذي اكتشفه «نيوتن» (١) وأماط اللثام عنه ، قد قرره الحق تبارك وتعالى في كثير من آيات القرآن المجيد ، ولسوف نقف الآن عند ما قاله المفسرون واللغويون حول هذه النصوص القرآنية.
يقول ابن كثير : (يقول تعالى : (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً) أي قارة ساكنة ثابتة لا تميد ولا تتحرك بأهلها ولا ترجف بهم ، فإنها لو كانت كذلك لما طاب عليها العيش والحياة ، بل جعلها من فضله ورحمته مهادا بساطا ثابتة لا تتزلزل ولا تتحرك) (٢).
وعند الطبري يقول رحمهالله : (الله الذي له الألوهية خالصة أيها الناس ، الّذي جعل لكم الأرض التي أنتم على ظهرها سكان قرارا تستقرون عليها ، وتسكنون فوقها ، والسّماء بناء ، بناها فرفعها فوقكم بغير عمد ترونها لمصالحكم ، وقوام دنياكم إلى بلوغ آجالكم) (٣).
وفي «التفسير الكبير» يقول الرازي : (كونها قرارا وذلك لوجوه ، الأول : أنه دحاها وسواها للاستقرار ، الثاني : أنه تعالى جعلها متوسطة في الصلابة والرخاوة ، فليست في الصلابة كالحجر الذي يتألم الإنسان بالاضطجاع عليه ، وليست في الرخاوة كالماء الذي يغوص فيه ، الثالث : أنه تعالى جعلها كثيفة غبراء ليستقر عليها النور ، ولو كانت لطيفة لما استقر النور عليها ، ولو لم يستقر النور عليها لصارت من شدة بردها بحيث تموت الحيوانات ، الرابع : أنه سبحانه جعل الشمس بسبب ميل مدارها عن مدار منطقة الكل ، بحيث تبعد تارة وتقرب أخرى من سمت الرأس ، ولو لا ذلك لما اختلفت الفصول ، ولما حصلت المنافع) (٤).
__________________
(١) إسحاق نيوتن ، ١٦٤٢ ـ ١٧٢٧ ، فلكي بريطاني ، اكتشف قانون الجاذبية ووضع لها ثلاثة قوانين ، كان لها أثر كبير في دراسة علم الفلك ، والتنبيه إلى اهتزاز حركة الكواكب وعدم انتظامها ، كما اكتشف طريقة الحصول على طبيعة الأجسام المضيئة عن طريق تحليل الضوء إلى طيف بواسطة الموشور الزجاجي. انظر : الأطلس الفلكي ، محمد عصام الميداني ، ص ٨٧ ، وانظر : الأوائل ، علي جمعة الخويلد ، بيروت ، الدار العربية للعلوم ، الطبعة الأولى ، ١٤١٨ ه / ١٩٩٨ ، ص ١٣٨.
(٢) تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير ، ٦ / ١٨٣.
(٣) جامع البيان ، للطبري ، ٢٤ / ٥٢.
(٤) التفسير الكبير ، للفخر الرازي ، ٢٤ / ٥٦٦.