وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١).
وفي هذا الصدد يقول الحق عزوجل : (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) (٢).
ويؤكد الحق عزوجل على نفي طاقة النبي وعجزه عن أن يأتي بمعجزة من عنده وإن كان أشرف الخلق وأكرمهم على الحق ، إلا أن ذلك الشرف لا يتعد طوق البشر ليصل إلى درجة الخلق أو الخرق ، وإلى هذا يشير بيان الله بقوله (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٣).
يعلق الشيخ رشيد رضا (٤) على هذه الآية فيقول : (... وإن كان شأنك معهم أنه كبر عليك إعراضهم عن الإيمان وعن الآيات القرآنية والعقلية الدالة عليه ، وظننت أن إتيانهم بآية مما اقترحوا يدحض حجتهم ، ويكشف شبهتهم ، فيعتصمون بعروة الإيمان عن بينة ملزمة وبرهان ، فإن استطعت أن تبتغي لنفسك نفقا كائنا في الأرض ، أو معناه تطلبه في الأرض فتذهب في أعماقها ، أو سلما في جو السماء ترقى عليه إلى ما فوقها فتأتيهم بآية مما اقترحوا عليك منهما ، فأت بما يدخل في طوع قدرتك من ذلك. أي وليس ذلك في قدرة البشر وإن كان رسولا ، لأن الرسالة لا تخرج الرسول عن طور البشر في صفاتهم البشرية كالقدرة والاستطاعة ، فهم لا يستطيعون إيجاد شيء مما يعجز عنه البشر ولا يقدر عليه إلا الخالق تعالى) (٥).
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٤٩.
(٢) سورة الرعد ، الآية : ٣٨.
(٣) سورة الأنعام ، الآية : ٣٥.
(٤) ١٢٨٢ ـ ١٣٥٤ ه ١٨٦٥ ـ ١٩٣٥ ه ، محمد رشيد بن علي رضا القلموني ، من العلماء بالحديث والأدب والتفسير ، صاحب مجلة المنار وأحد رجال الإصلاح الإسلامي ، ولد ونشأ في القلمون «من أعمال طرابلس الشام» وأنشأ في مصر مدرسة الدعوة والإرشاد توفي في مصر ، من مؤلفاته : تفسير المنار ، والوحي المحمدي ، والخلافة ، وغيرها. انظر : الأعلام ، قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين ، خير الدين الزركلي ، بيروت ، دار العلم للملايين ، الطبعة السادسة ، ١٩٨٤ ، ٦ / ١٢٦ ، بتصرف.
(٥) تفسير المنار ، محمد رشيد رضا ، بيروت ، دار الفكر ، الطبعة الثالثة ، د. ت ، ٧ / ٣٨٢.