ـ بالنسبة لتكوين الجبال الرسوبية ، أي الإلقاء من أعلى إلى أسفل ، فيقول الدكتور محمد جمال الدين الفندي : (إن المياه تجري إلى المنخفضات التي تسمى بالبحار الجيولوجيا وتغمرها ، وهذه تكون عادة بحارا ضحلة متّسعة ممتدة في وسط القارات أو أعلى حوافها وتصير قيعانها بمرور الزمن الجيولوجي مأوى لأثقال عظيمة جدا من الرسوبيات ، تأتي بها عوامل التعرية من مناطق الارتفاع كالجبال والهضاب ، وكلما عظمت تلك الأحمال هبطت تحت وطأتها قيعان البحار ، وتظل هذه الرسوبيات تتراكم هكذا حتى تكون جذور الجبال مستقبلة نتيجة للضغط الشديد ، فتلتوي وتنثني وترتفع رويدا رويدا طافية فوق مواد المنطقة ، التي تحمل القشرة وتفصلها عن باطن الأرض ، وأخيرا تطل من سطح الماء ، وينحسر الماء عنها إلى أماكن أخرى مكونا بحارا جيولوجية جديدة ، وتلك هي الثورات الجيولوجية أو حركات بناء الجبال) (١).
ويصف العالم الجيولوجي ليون موريه (٢) تكوين الجبال بكلا الطريقتين المذكورتين فيقول : (من السلاسل الجبلية ، سلاسل المقعرات الأرضية ، والتي تنجم عن انضغاط حفر الترسب الكبرى بفعل حركات تماسية ، والتي دعيناها المقعرات الأرضية ، والتي تراكمت فيها خلال حقب طويلة ثخانات كبيرة من روسوبات بحرية عميقة ، ويكون توافق المظاهر البحرية العميقة مع المناطق الملتوية هو قاعدة عامة ، بحيث أمكن القول : أن السلاسل الجبلية تتشكل دوما فوق موقع المقعرات الأرضية ، كما يمكننا اعتبار طيات القاع كرد فعل للحركات التماسية التي تبقى لوحدها في الأصل ، ففي حين الانضغاط الأقصى على مقعر أرض ما ، فإن مشارف المنطقة تتحدب بتأثير الجهد
__________________
(١) الله والكون ، محمد جمال الدين الفندي ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتب ، الطبعة الثانية ، ١٩٨٧ ، ص ٢٢٣ ، وانظر : ما هي الجيولوجيا ، وليم ماثيوز ، ترجمة مختار رسمي ناشد ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتب ، ١٩٩٥ ، ص ٢٢٠ ، وانظر : الجيولوجيا والكائنات الحية ، دولت عبد الرحيم إبراهيم ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتب ، ١٩٩٥ ، ص : ١٨.
(٢) ليون موريه : يحتل مكانة مرموقة بين علماء الجيولوجيا ، بل يعد صاحب مدرسة جيولوجية قائمة بذاتها ، وهو عضو المجمع ، وعميد فخري لكلية العلوم ، وأستاذ في المعهد العالي الوطني للهيدروليك في غرينوبل. انظر : مقدمة المترجم ، ص : ٩.