وعند ابن كثير ((وَالْجِبالَ أَوْتاداً) أي جعل لها أوتادا أرساها بها وثبتها وقررها ، حتى سكنت ولم تضطرب بمن عليها) (١).
وفي «التفسير البياني» : (والجبال أرساها ، الإرساء ، التثبت والترسيخ ، وقالوا : ألقت السفينة مراسيها إذا استقرت ، على أن المادة يكثر مجيئها في الجبال ، لوضوح الثبات والرسوخ فيها ، والقرآن يستغني أحيانا بالرواسي عن الجبال ، فيشهد هذا بأن صفة الرسو تبدو أوضح ما تبدو في الجبال) (٢).
وفي «البحر المحيط» : ((وَالْجِبالَ أَوْتاداً) أي ثبتنا الأرض بالجبال ، كما ثبت البيت بالأوتاد) (٣).
وفي الحديث الذي رواه الترمذي وغيره ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فعاد بها عليها فاستقرت ، فعجبت الملائكة من شدة الجبال قالوا : يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال قال : نعم ، الحديد ، قالوا : يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد ، قال : نعم ، النار ، فقالوا : يا رب فهل من شيء أشد من النار ، قال : نعم ، الماء قالوا : يا رب فهل من شيء أشد من الماء ، قال : نعم ، الريح ، فقالوا : يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح ، قال : نعم ، ابن آدم تصدق بصدقة بيمينه يخفيها من شماله» (٤).
ومعنى الوتد في اللغة : (الوتد بالكسر والوتد ، ما رز في الحائط أو الأرض من الخشب ، والجمع أوتاد ، قال الله تعالى : (وَالْجِبالَ أَوْتاداً) ... ووتدته أنا أتده وتدا وتدة ووتدته ، أثبته) (٥).
__________________
(١) تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير ، ٨ / ٣٠٦.
(٢) التفسير البياني للقرآن ، عائشة بنت الشاطئ ، القاهرة ، دار المعارف ، الطبعة الثانية ، ١٣٨٨ ه / ١٩٦٨ ، ص : ١٥٢.
(٣) البحر المحيط ، لأبي حيان الأندلسي ، ٩ / ٥٤١ ، وانظر : تبصير الرحمن وتيسير المنان ، علي ابن أحمد المهائي ، بيروت ، عالم الكتب ١٩٨٣ ، ٢ / ٣١.
(٤) رواه الترمذي في سننه ، رقم : (٣٣٦٩) ، ٥ / ٤٥٤ ، وقال أبو عيسى : هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه ، ورواه أبو يعلى ، أحمد بن علي أبو يعلى الموصلي ، تحقيق ، حسن سليم أسد ، دمشق ، دار المأمون للتراث ، الطبعة الأولى ، ١٤٠٤ ه / ١٩٨٤ رقم : (٤٣١٠) ، ٧ / ٢٨٦.
(٥) لسان العرب ، لابن منظور ، ٣ / ٤٤٥.