ويقول «بكثول» (١) : (القرآن هو الذي دفع العرب إلى فتح العالم ، ومكنهم من إنشاء إمبراطورية فاقت إمبراطوريات إسكندر الكبير ، والإمبراطورية الرومانية ، سعة وقوة وعمرانا وحضارة ودواما ...).
ويقول «غوته» (٢) : إذا اتجهنا إلى القرآن نفرنا منه في البداية ، ولكن سرعان ما يذهلنا ثم يجبرنا على تقديره في النهاية ، أما أسلوبه وهدفه فعظيم ورهيب وسام ، ولذا سيظل هذا الكتاب ذا تأثير فعّال على مدى الأجيال ، والقرآن سيحافظ على تأثيره إلى الأبد ، لأن تعاليمه عملية ... والإنسان منا إذا قرأ القرآن يرى فيه ولأول مرة شيئا جديدا لم يألفه ولكنه كلما ازداد في قراءته ازداد حبا له واجتذابا إليه ، حتى أخيرا يقول إلى إكباره وإجلاله) (٣).
هؤلاء المفكرون العالميون درسوا الإسلام دراسة عميقة وشاملة ، فأحبه بعضهم وآزره وآمن به آخرون وأعلنوا إسلامهم ، وإذا رجعنا إلى الوراء قليلا فلسوف نجد أن الحروب الصليبية كانت من أبرز الدعائم التي نهضت عليها هذه الدراسات والتصورات حول القرآن الكريم ، وهي سبب من أهم الأسباب الأولى التي جعلت الكثير من الغربيين يغيرون وجهة نظرهم فيما يخص الشرق بشكل عام وشامل والإسلام بشكل خاص ، ذلك لأن الغربيين يوم التحموا بالمسلمين رأوا منهم صفات النبل والشهامة والأخلاق والسلوك المستقيم وأيقنوا أن دين الشرق ليس كما يصوره الاستعمار من الانحطاط والتخلف ، حينها انكب الأوربيون يدرسون وبشكل متسلسل الشرق ، الذي كان
__________________
(١) ١٨٧٥ ـ ١٩٣٦ ، بكثول مارمادوك وليم ، ولد في لندن وحال ضعف صحته دون إتمام دراسته ، فأرسلته أمه إلى سوريا فتعلم العربية ودرس عادات أهلها وأخلاقهم ، ثم استدعاه اللورد كرومر إلى مصر حيث أقام مدة ، وصنف فيها كتابيه «أبناء النيل ، والنساء المحجبات» ونشر المقالات في الدفاع عن الإسلام ، ثم سافر إلى تركيا وعند عودته منها أشهر إسلامه ، ثم تولى منصب إمام المسلمين في لندن ، وقضى ثلاث سنوات في ترجمة معاني القرآن الكريم. انظر : المستشرقون ، نجيب العقيقي ، القاهرة ، دار المعارف ، الطبعة الرابعة د. ت ، ٢ / ١٠٢ ، بتصرف.
(٢) ١٧٤٩ ـ ١٨٣٢ ، غوته جوهان ، كبير شعراء الألمان ، وأحد عمالقة الأدب العربي ، تميز بتعدد المواهب ، فكان شاعرا وناقدا وروائيا وكاتبا ومسرحيا وعالما ، له روايات شهرية هي أحزان فرتر الشاب. انظر : معجم أعلام المورد ، منير البعلبكي ، ص : ٣٠٣ ، بتصرف.
(٣) قالوا في الإسلام والقرآن والرسول ، حسين سليم ، ص : ٨٩.