فاغتنام السّكوت أفضل من |
|
خوض وإن كنت بالكلام فصيحا (١) |
عبدان بن عثمان ، عن ابن المبارك أنّه كان يتمثّل :
وكيف تحبّ أن تدعى حليما |
|
وأنت لكلّ ما تهوى ركوب |
وتضحك دائما ظهرا لبطن |
|
وتذكر ما عملت فلا تتوب |
وسمع ابن المبارك وهو ينشد فوق سور طرسوس :
ومن البلاء وللبلاء علامة |
|
أن لا يرى لك عن هواك نزوع |
العبد عبد النّفس في شهواتها |
|
والحرّ يشبع مرّة ويجوع |
قال أحمد بن عبد الله العجليّ (٢) : حدّثني أبي قال : لما احتضر ابن المبارك جعل رجل يلقّنه : قل لا إله إلّا الله ، وأكثر عليه ، فقال : لست تحسن وأخاف أن تؤذي مسلما بعدي إذا لقّنتني فقلت : لا إله إلّا الله ثم لم أحدث كلاما بعدها فدعني ، فإذا أحدثت كلاما بعدها فلقّنّي حتّى تكون آخر كلامي.
وقيل إنّ الرشيد لما بلغه موت ابن المبارك قال : مات اليوم سيّد العلماء.
قال عبدان بن عثمان : خرج عبد الله إلى العراق أول شيء سنة إحدى وأربعين ومائة ، ومات بهيت وعانات (٣) في رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة (٤).
وقال حسن بن الربيع : قال لي ابن المبارك قبل أن يموت : أنا ابن ثلاث وستّين (٥).
__________________
(١) البيت في تهذيب الكمال ٢ / ٧٣٢ :
فاغتنام السكوت أفضل للمرء |
|
وإن كان في الكلام فصيحا |
(٢) في تاريخ الثقات ٢٧٥ ، صفة الصفوة ٤ / ١٤٦.
(٣) عانات : بلد مشهور بين الرّقّة وهيت ، يعدّ في أعمال الجزيرة ، وهو مشرف على الفرات.
(٤) تاريخ بغداد ١٠ / ١٦٨.
(٥) العلل ومعرفة الرجال لأحمد ٣ / ٤٨٩ رقم ٦٠٩١ ، تاريخ بغداد ١٠ / ١٦٨.