بلغنا أنّه بعث إلى الرشيد برسالة يقول : إنّه لن ينقضي عنّي يوم من البلاء إلّا انقضى عنك معه يوم من الرخاء ، حتى نقضي جميعا إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون (١).
قال عبد الرحمن بن صالح الأزديّ : زار الرشيد قبر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : السلام عليك يا رسول الله ، يا ابن عمّ ، يفتخر بذلك. فتقدّم موسى بن جعفر فقال : السلام عليك يا أبه. فتغيّر وجه الرشيد وقال : هذا الفخر حقّا يا أبا حسن (٢).
وقال النسّابة يحيى بن جعفر العلويّ المدنيّ ، وكان موجودا بعد الثلاثمائة : كان موسى يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده. وكان سخيّا ، يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرّة فيها الألف دينار. وكان يصرّر الصّرر مائتي دينار وأكثر ويرسل بها. فمن جاءته صرّة استغنى (٣).
قلت : هذا يدلّ على كثرة إعطاء الخلفاء العباسيين له. ولعلّ الرشيد ما حبسه إلّا لقولته تلك : السلام عليك يا أبه. فإنّ الخلفاء لا يحتملون مثل هذا.
روى الفضل بن الربيع ، عن أبيه : أنّ المهديّ حبس موسى بن جعفر ، فرأى في المنام عليّا وهو يقول : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) (٤).
قال : فأرسل إليّ ليلا ، فراعني ذلك ، وقال : عليّ بموسى. فجئته به ، فعانقه وقصّ عليه الرؤيا ، وقال : تؤمّنني أن تخرج عليّ أو على ولدي.
فقال : والله لا فعلت ذاك ، ولا هو من شأني. قال : صدقت ، وأعطاه ثلاثة آلاف دينار وجهّزه إلى المدينة (٥).
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٣ / ٣٢ ، صفة الصفوة ٢ / ١٨٧.
(٢) تاريخ بغداد ١٣ / ٣١ ، الكامل في التاريخ ٦ / ١٦٤ ، الأئمة الاثنا عشر ٩٠ ، ٩١.
(٣) تاريخ بغداد ١٣ / ٢٧ ، ٢٨.
(٤) سورة محمد ، الآية ٢٢.
(٥) تاريخ بغداد ١٣ / ٣٠ ، ٣١ ، صفة الصفوة ٢ / ١٨٤ ، ١٨٥ ، وفيات الأعيان ٥ / ٣٠٨ ، ٣٠٩ ، الأئمة الاثنا عشر ٨٩ ، ٩٠.