سياسته وأدّبه ، فلمّا استخلف نوّه بذكره ورفع محلّه ، فكان يقول : قال أبي. وردّ إصدار الأمور وإيرادها إليه. فلما قتل ابنه جعفرا خلّد يحيى في السجن (١).
قال الأصمعيّ : سمعته يقول : الدنيا دول ، والمال عارية ، ولنا بمن قبلنا أسوة ، ولمن بعدنا عبرة (٢).
قال إسحاق الموصليّ : كانت صلات يحيى إذا ركب لمن تعرّض له مائتي درهم (٣).
وقال الموصليّ : قال أبي : أتيت يحيى بن خالد فشكوت ضيقة ،
فقال : ما أصنع لك؟ ليس عندي شيء. ولكن أدلّك على أمر فكن فيه رجلا.
قد جاءني خليفة صاحب مصر يسألني أن أستهدي صاحبه شيئا ، وقد أبيت فألحّ ، وقد بلغني أنّك أعطيت بجاريتك ثلاثة آلاف دينار (٤). فهو ذا ، أستهديه إيّاها ، وإيّاك أن تنقصها عن ثلاثين ألف دينار شيئا ، وانظر كيف تكون.
قال : فو الله ما شعرت بالرجل إلّا وقد وافاني ، فساومني بالجارية ، فلم يزل حتى بذل لي عشرين ألفا. فلما سمعتها ضعف قلبي عن ردّها ، فبعتها. فلمّا صرت إلى يحيى قال : إنّك لخسيس. كنت صبرت ، وهذا خليفة صاحب فارس قد جاءني في مثل هذا. فخذ جاريتك ، فإذا ساومك لا تنقصها عن خمسين ألف دينار.
قال : فجاءني فبعتها بثلاثين ألف دينار.
ولما صرت إلى يحيى قال : ألم نؤدّبك؟ خذ جاريتك إليك.
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٤ / ١٢٨ ، و ١٢٩ ، وفيات الأعيان ٦ / ٢٢١.
(٢) تاريخ بغداد ١٤ / ١٢٩ وفيه «ونحن لمن بعدنا عبرة».
(٣) تاريخ بغداد ١٤ / ١٢٩ ، وفيات الأعيان ٦ / ٢٢٣.
(٤) في تاريخ بغداد «ثلاثة آلاف دنانير» ، وفي وفيات الأعيان «فلانة ثلاثة آلاف دينار».