وقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (١).
فبيّن أن آجالهم كانت مشترطة في الامتداد بالبر ، والانقطاع عن الفسوق.
وقال تعالى فيما أخبر به عن نوح (عليهالسلام) في خطابه لقومه : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً ...) (٢) إلى آخر الآيات.
فاشترط لهم في مدّ الأجل وسبوغ النعم ، الاستغفار. فلما لم يفعلوا ، قطع آجالهم وبتر أعمالهم واستأصلهم بالعذاب ، فالبداء من الله تعالى (٣) يختص بما كان مشترطا في التقدير وليس هو الانتقال من عزيمة الى عزيمة ، تعالى الله عما يقول المبطلون علوا كبيرا» (٤).
وقال أيضا في (أوائل المقالات) : «أقول في معنى البداء ما يقوله المسلمون بأجمعهم في النسخ وأمثاله ، من الإفقار بعد الإغناء ، والإمراض بعد الإعفاء ، وبالإماتة بعد الإحياء ، وما يذهب إليه أهل العدل خاصة من الزيادة في الآجال والأرزاق والنقصان منها بالأعمال» (٥).
وقال الشيخ الطوسي (ت ٣٨٥ ـ م ٤٦٠) في (العدة) : «البداء حقيقة في اللغة هو الظهور ، ولذلك يقال «بدا لنا سور المدينة» و «بدا لنا وجه الرأي». وقال الله تعالى (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) (٦).
(وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) (٧). ويراد بذلك كله «ظهر».
__________________
(١) سورة الأعراف : الآية ٩٦.
(٢) سورة نوح : الآيتان ١٠ و ١١.
(٣) سيوافيك وجه إطلاق البداء على الله وأنّه من مقولة المجاز ، كما قوله سبحانه (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) ، تمثيلا لفعل الباري بفعل البشر.
(٤) تصحيح الاعتقاد ، باب معنى البداء ، ص ٢٥.
(٥) أوائل المقالات ، باب القول في البداء والمشيئة ، ص ٥٣.
(٦) سورة الجاثية : الآية ٣٣.
(٧) سورة الزمر : الآية ٤٨.