وقد يستعمل ذلك في العلم بالشيء بعد أن لم يكن حاصلا وكذلك في الظن. وأمّا إذا أضيفت هذه اللفظة إلى الله تعالى فمنه ما يجوز إطلاقه عليه ومنه ما لا يجوز. فأما ما يجوز من ذلك فهو ما أفاد النسخ بعينه ويكون إطلاق ذلك عليه على ضرب من التوسع. وعلى هذا الوجه يحمل جميع ما ورد عن الصادقين (عليهمالسلام) من الأخبار المتضمنة لإضافة البداء إلى الله تعالى ، دون ما لا يجوز عليه : من حصول العلم بعد أن لم يكن. ويكون وجه إطلاق ذلك على الله تعالى ، التشبيه وهو أنّه إذا كان ما يدل على النسخ يظهر به للمكلفين ما لم يكن ظاهرا لهم ويحصل لهم العلم به بعد أن لم يكن حاصلا لهم أطلق على ذلك لفظ البداء» (١).
ويريد الشيخ أن إطلاق البداء على الله تعالى لأجل كونه بداء في أذهان الناس ، وظهورا بعد خفاء ، فكان ذلك مصححا لإطلاقه على الله سبحانه بالمجاز والتوسع ، كما عرفت نظيره في بعض الألفاظ.
هذا بعض ما أفاده علماء الشيعة القدامى ، وأما ما كتبه المتأخرون حوله فحدث عنه ولا حرج وفي وسعك المراجعة إليه (٢).
هذا هو الذي تقول به الشيعة وتسميه بداء ، وأما غيرهم فيقولون به حسب ما مرّ من الآيات والروايات ولا يسمونه بداء ، فالنزاع في الحقيقة إنما هو في التسمية ، ولو عرف المخالف أنّ تسمية فعل الله سبحانه بالبداء من باب المجاز والتوسع لما شهر سيوف النقد عليهم. وإن أبى حتى الإطلاق التجوزي فعليه أن يتبع النبي الأعظم (صلىاللهعليهوآله) حيث أطلق لفظ البداء عليه سبحانه بهذا المعنى المجازي الذي قلناه ، في حديث
__________________
(١) عدة الأصول ، ج ٢ ، ص ٢٩. وله كلام آخر في كتاب «الغيبة» ، ص ٢٦٢ ـ ٢٦٤ ، طبعة النجف يحذو فيه حذو ما ذكره في (العدة) فليرجع إليه.
(٢) لاحظ مصابيح الأنوار ، للسيد شبّر ، ج ١ ، أجوبة موسى جار الله للإمام شرف الدين ص ١٠١ ـ ١٠٣.