حرف واحد فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف» (١) ا ه.
فهذا الحديث وغيره من الأحاديث الواردة في الدليل على نزول القراءات كلها تفيد أن القراءات نزلت بمكة المكرمة منذ بدأ نزول القرآن الكريم على الهادي البشير صلىاللهعليهوسلم.
الرأي الثاني : يفيد أن القراءات نزلت بعد الهجرة في المدينة المنورة ، بسبب سماعهم قراءات بحروف لم يتلقوها من الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وكل ذلك بالمدينة لا في مكة. ومن الأحاديث الواردة في ذلك الحديث الوارد سالف الذكر.
تعقيب وترجيح :
يرى الأستاذ الدكتور / محمد سالم محيسن أن القول الأول الذي يرى أن القراءات نزلت بمكة المكرمة هو القول الراجح الذي تطمئن إليه النفس.
والدليل على ذلك : أن معظم سور القرآن الكريم ـ وعددها ثلاث وثمانون سورة ـ نزلت بمكة المكرمة ، ومما لا شك فيه أنها نزلت بالأحرف السبعة ؛ لأنه لم يثبت بسند قوي ولا ضعيف أنها نزلت مرة ثانية بالمدينة المنورة ، فعدم نزولها مرة ثانية دليل على أنها عند ما نزلت بمكة إذا نزلت مشتملة على الأحرف السبعة.
أما القول الثاني الذي يرى أن القراءات نزلت بالمدينة المنورة ، فأرى أنه مرجوح ؛ لأنه يعترض عليه بالدليل الذي تقدم على صحة القول الأول. ا ه (٢).
سابعا : تراجم القراء العشرة :
الإمام الأول : نافع المدني (ت : ١٦٩ ه)
هو : أبو رويم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي ، أصله من أصفهان ، كان شديد سواد اللون ، وكان حليف حمزة بن عبد المطلب وأخيه العباس. قال عنه الإمام مالك بن أنس (ت : ١٧٩ ه) : نافع إمام الناس في القراءة : ا ه (٣).
وقال أحمد بن هلال المصري : قال لي الشيباني ، قال لي رجل ممن قرأ على نافع : إن نافعا كان إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك ، فقلت له : يا أبا عبد الله ، يا أبا رويم أتتطيب كلما قعدت تقرئ؟ قال : ما أمس طيبا ولكني رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يقرأ في «في»
__________________
(١) رواه البخاري (الجزء السادس : ص : ١٠٠).
(٢) نقلا عن كتاب ((الهادي إلى تفسير القرآن الكريم)) تأليف د / محمد سالم محيسن. ط دار محيسن.
(٣) انظر : معرفة القراء الكبار (١ / ٩٠) ، ط. القاهرة.