في الرحم وتختلط بخلية أنثوية لتشكل بويضة ، ثم ينشط هذا الكائن الآحادي الخليّة بسرعة مذهلة ليشق طريقه التصاعدي الهندسي خلال عدّة شهور ليتحول إلى كائن له آلاف الملياردات من الخلايا.
وكأنّ فريقاً من الرسّامين المهرة قد تجمعوا في ذلك الوسط المظلم وانهمكوا ليل نهار بالرسم فأحالوا كل مجموعة من هذه الخلايا بشكل وقد سبغوا عليه ألواناً وكيفيات خاصّة معينة.
نعم هناك عشرات المهندسين والفيزيائين والكيميائين الذين يتفنون في صنع أجهزته الحساسة والدقيقة ويصنعون كائناً من عدّة غرامات من الحديد إلى جانب بعض الغرامات من الكالسيوم والفسفور والكاربون و... ومقدار كثير من الماء الكائن الذي يعجز عن مصافاته أكبر العقول الألكترونية وأعظم الصناعات العالمية الثقيلة وأدق الأدوات والوسائل والأجهزة وأجمل ألواح الدنيا.
والجدير بالذكر أنّ الإنسان يتابع بعد ولادته حركة هادئة وتدريجية ذات تكامل كمي لا كيفي ، فحركته في المحيط الهائج للرحم سريعة جدّاً ومغيرّة وهي تكشف عن غطاء عجيب كل اسبوع بل كل يوم.
إنّ التطورات المتتالية والمذهلة للجنين في عالمه هي بمثابة الذهول من جراء تحول إبرة صغيرة بعد عدّة شهور إلى طائرة تحلق دون طيار ، فالجنين حين يكون في مرحلة «المورول» وخلاياه كحبّة ثمرة التوت تجتمع حول بعضها دون أن يكون لها شكل مشخص ، وحين يكون في مرحلة «البلاستول» وتظهر حفرة التقسيم التي تعتبر بداية لتقسيم نواحي الجنين ، وحين يبلغ الطبقات الثلاث للكاسترول وهي «الاندوديرم» و«الاكتوديرم» و«المزوديرم» ففي كل هذه المراحل تكون خلايا الجنين