والآثمين ، ولو وسعها ذلك وإنتصرت للمظلوم من الظالم ، لما إحترق العالم اليوم بنيران كل هذا الظلم والجور والاستعباد والاستعمار والاستغلال.
وأمّا محكمة الجزاء فهي الأخرى لا بُعد عمومي لها ، وكأنّي بها ليست إلّا برنامج تربوي وتحذير للجميع من خلال إبانتها لبعض النماذج! ولذلك نرى بعض المجرمين الذين فروا من مخالبها ، إضافة إلى أنّ بعض الجنايات قد تكون ثقيلة بحيث لايسعها الجزاء ويقتصر على التعامل مع جانب معين من جوانبها.
وأمّا محكمة الآثار الطبيعية للأعمال فهي كسابقتها لها بعد خاص ، لأنّ شعاع عمله إنّما يشتمل غالباً على ذنوب تتخذ بعداً عاماً ، أو إن إرتكبه فرد لابدّ أن يواصل العمل به لمدّة طويلة ليتضح شؤمه ومرارته ، وعليه فإنّ كثيراً من المجرمين والجرائم خارجة عن نطاق قضاء هذه المحكمة ولم تبق إلّا «محكمة الضمير» والتي أثبتنا خصوصيتها في الأبحاث السابقة حين تعرضنا إلى وظيفة هذه المحكمة ، فلا يتمتع كافة الناس بضمير حي ويقظ ، فضعف الوجدان الذي يحصل بسبب عدّة عوامل إنّما يؤدّي إلى هروب جماعة من المجرمين والجناة الخطرين تحت ذرائع مختلفة من مخالب عقوبات هذه المحكمة.
وبناءاً على ما تقدم فالنتيجة التي نخلص إليها من خلال الدراسة الشاملة للمحاكم الأربع المذكورة إلى أنّ أي من هذه المحاكم ليس لها بعداً عاماً وشاملاً بحيث تنزل العقاب بكافة الجناة والمجرمين لإرتكابهم أية جنحة أو جناية بعد مثولهم للمحاكمة ، وكأنّها بمنزلة إخطارات وإشعارات متتالية تهدف إلى تربية البشر وإيقاظه ليس أكثر.
* * *