ويبدو من خلال المطالعات والآثار إنّ هذا الشعور كان سائداً أيضاً لدى بعض الفلاسفة والشعراء.
ولعلنا أشرنا سابقاً أنّه لابدّ من الانطلاق من نقاط بسيطة وواضحة للإجابة على هذه الأسئلة التي قد تبدو صعبة ومعقدة ، وقد تكون تلك النقاط الواضحة هي الأسس التي أرسى عليها الفيلسوف الفرنسي المعروف «ديكارت» دعائم مدرسته.
لنفرض أنّنا مررنا بمنطقة فوقعت أعيننا على بناية عظيمة وضخمة قد فرغ منها للتو ، فيطالعنا فيها الاسلوب الدقيق والخارطة الممتازة والعمارة الرصينة والانارة الكافية والاختيار الصحيح للمواد وما إلى ذلك من الأمور التي تشير إعجابنا ، فإنّنا نرى كل شيء قد وضع مكانه على ضوء تخطيط دقيق ، إلّاأنّنا لا ندري ما هو الغرض الذي من أجله بني هذا المبنى الضخم؟
فهل يجيزنا العقل أن نعتقد بأنّ كافة أجزاء هذا المبنى قد بنيت لتحقيق هدف ووفق خارطة معينة ، بينما ليس للمبنى بأجمعه أي هدف ووجد للعبث؟ ... قطعاً لا ، فمن كان له هدف في الجزء كيف لا يكون له ذلك في الكل؟
* * *
والآن نغوص في الباطن العميق لمصنع وجودنا ونشاهد القلب الذي يعمل بصوت موزون وحركات منظمة متتالية دون أدنى توقف ، كما نرى تفرعات القلب من قبيل البطين والاذين والأوردة والشرايين التي تضنخ الدم وتلك التي تستقبل الدم ، كما نرى هدف كل واحد منها وهي تتحرك وتنشط للقيام به ، بحيث لا نرى أي شيء زائد في هذه المضخة ، ثم نتجاوز القلب ونتيجة صوب المعدة ثم الكبد والكلية والرئة والعظلات و... فنرى