«الدماغ» الذي يتميز بوضع إستثنائي ، وكل هذه الأمور ترتبط بالجوانب الداخلية ، والحال هنالك بُعد خارجي للظواهر الروحية وأنّها تنبهنا إلى الأوضاع الخارجة عن وجودنا.
ولتوضيح هذا الكلام لابدّ من الإشارة إلى عدّة نقاط :
أولاً : هل هناك عالم خارج وجودنا أم لا؟
قطعاً هنالك مثل هذا العالم ، والمثاليون ـ الذين ينكرون وجود العالم الخارجي ويزعمون أنّ كل الموجود هو «نحن» و«تصوراتنا» والعالم الخارجي بالضبط كالمشاهد التي نراها في المنام فهي ليست سوى تصورات ـ على خطأ عظيم ، وخطأهم قد أثبتناه في محلّه. (١)
ثانياً : هل نعلم بالعالم الخارجي أم لا؟ قطعاً الجواب على هذا السؤال بالإيجاب ، لأنّ لنا علم كثير بالعالم الخارجي ، كما لدينا معلومات واسعة عن الموجودات من حولنا أو التي تقع في نقاط بعيدة عنّا.
والآن يطرح هذا السؤال نفسه : هل يأتي العالم الخارجي إلى باطن وجودنا؟ قطعاً لا ، بل صورته لدينا ، حيث نستفيد من خاصية تشابه الواقع فنقف على العالم الخارج عن وجودنا.
ولا يمكن لهذا الواقع أن يقتصر على الخواص الفيزيا كيميائية للدماغ ، لأنّ هذه الخواص وليدة تأثيراتنا عن العالم الخارجي ، أو هي معلولاته ، بالضبط كالتأثيرات التي يتركها الطعام على معدتنا ، فهل يؤدّي تأثير الطعام على المعدة وفعله وإنفعاله الفيزيائي والكيميائي إلى إلتفات المعدة وتنبهها بالطعام ، إذن كيف يستطيع دماغنا أن يحيط خبراً بالدنيا الخارجة عنه؟
__________________
(١) راجع كتاب «المتفلسفون» للمؤلف.