فليس كذلك ، لأنّه كما قلنا أنّ هذا العلم ليس من خلال رسم صورة ذهنية ، بل من حضورنا لدى أنفسنا ، ويصطلح على هذا النوع من العلم بالعلم الحضوري.
على كل حال إنّ علمنا بوجودنا من أوضح معلوماتنا وليست هناك أية حاجة أبداً إلى إستدلال ، وعليه فالإستدلال المعروف الذي أورده الفيلسوف الفرنسي المشهور «ديكارت» على وجوده فقال : «أنا أفكر إذن أنا موجود» هو إستدلال زائد ويبدو غير صحيح ، لأنّه إعترف بوجوده مرتين قبل أن يثبت ذلك (مرّة حين قال «أنا» وأخرى حين قال أفكر) ... هذا من جانب. ومن جانب آخر فإن «أنا» هي واحدة من بداية العمر حتى نهايته «أنا اليوم» هي «أنا بالأمس» وهي «أنا قبل عشرين سنة». إني شخص واحد منذ الطفولة ولحدّ الآن ، أنا ذلك الشخص الذي كنت وسأكون كذلك إلى آخر العمر ولن أصبح شخصاً آخر ، طبعاً درست وتعلمت وتكاملت وسوف أتكامل أكثر إلّا أنّي لم أصبح شخصاً آخر ، ومن هنا فإنّ جميع الناس يعرفونني كشخص واحد منذ الطفولة لحد الآن ، فلي إسم واحد وهوية واحدة و...
والآن أريد أن أري ما هذا الموجود الواحد الذي غطى جميع عمرنا؟ هل ذرات وخلايا بدننا أم مجموعة خلايا الدماغ وفعلها وإنفعالاتها؟
فهذه تستبدل مرات طيلة عمرنا وتقريباً تستبدل كافة الخلايا مرّة واحدة كل سبع سنوات ، لأنّنا نعلم أنّ ملايين الخلايا تموت يومياً وتحلّ محلّها خلايا أخرى ، كالبناية التي يخرجون بعض طابوقها تدريجياً ويضعون مكانه طابوقاً آخر ، فهذه البناية تتغير تماماً بعد مدّة وإن لم يلتفت عوام الناس إلى ذلك ، أو كالمسبح الكبير الذي يرده الماء ببطىء من جانب ويخرج من جانب آخر ، فمن البديهي أن يتغير كل ماء المسبح بعد مدّة ، و