وقد أثبتت التجربة أنّ رأسه يصبح أكثر ثقلاً قبل أن ينام ، لأنّه سحب مقداراً كبيراً من الدم ، أمّا إن نام أصبحت أطراف رجليه أكثر ثقلاً ليدل ذلك على أنّ الدم قد سار نحو هذه الأطراف.
وهذه النظرية وإن كانت مقبولة ذاتاً ـ لأنّها تستند إلى التجربة ـ لكن لا يمكنها أن تكون العامل الرئيسي للنوم ، لأنّ هناك سؤال يطرح نفسه وهو : ما الذي جعل الدم يترك الدماغ ويتجه نحو الأقدام ، وبعبارة أخرى فالنظرية تبيّن نتيجة النوم لا العامل الأصلي الذي يقف وراءه.
* * *
يقول أنصار النظرية الثانية (العامل الكيميائي) : تتجمع بعض السموم في بدن الإنسان حين الجهد والسعي والتي تشل جانباً من الدماغ عن العمل فإن جذبت هذه السموم من قبل البدن صحا من نومه. إلّاأنّ أصحاب هذه النظرية لم يستطيعوا بيان هذا الأمر ، وهو لماذا ينام الإنسان وينهض فجأة من نومه ، والحال نعلم أنّ التسمم موضوع تدريجي وزواله تدريجي أيضاً؟ وعليه فلابدّ أن يتجه الإنسان بالتدريج من حالة اليقظة إلى حالة شبه المنام ومن ثم حالة النوم الكامل ، ونهوضه يجب أن يكون كذلك ، والحال ليس الأمر كذلك ، وغالباً ما تحصل الظاهرتان في آن واحد ، طبعاً ممكن أن يستلقي الإنسان ساعة على الفراش محاولاً النوم ، إلّاأنّ فترة الإنتقال إلى النوم لحظة ليس أكثر ، وكذلك اليقظة من النوم تحصل في لحظة واحدة ، ولا تنسجم هذه القضية والتدريج.
وأمّا النظرية الثالثة فتقول : هناك جهاز فعال في دماغ الإنسان يضطره للعمل ، فإن توقف هذا الجهاز عن العمل ، نام الإنسان ، هذا الجهاز العصبي له حكم معجل السيارة حيث يتوقف عند التعب. لكن ما هذا التعب؟ ولم