الحياة من جديد حين يداعبها نسيم الربيع وتتساقط عليها قطرات المطر (وقد أوردنا الآيات المتعلقة بذلك في بداية الكتاب) ، فهل يفيد هذا سوى المعاد الجسماني؟ أحياناً يشير القرآن إلى بداية الخلق فيصرّح بأنّ الذي خلقكم أول مرة سيعيدكم بعد الموت تارة أخرى.
فمن البديهي أنّ هذا التشبيه لأجل إثبات المعاد الجسماني وإلّافإنّ بقاء الروح بعد فناء الجسم ليس له أي إرتباط بهذا التشبيه.
أضف إلى ذلك فإنّ أبحاث القرآن بشأن معاد الطاقة الذي مرّ عليناتفصيله في أول الكتاب وقصة أصحاب الكهف أو سائر القصص كقصةإبراهيم مع الطيور ومجيئ ذلك الإعرابي إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يمسك بعظم ويسأل عن كيفية إفاضة الحياة عليه والإجابة التي أوردها القرآن في سورة يس والتي مرّت علينا في بداية الكتاب ، إنّما ترتبط جميعاً بالمعادالجسماني ، وإلّاليست هناك من مناسبة للمعاد الروحاني دون الجسماني بهذه الأبحاث (عليك بالدقّة).
والجدير بالذكر إنّ عرب الجاهلية كانت تعتقد ببقاء الروح ، والذي أثار دهشة الإعرابي ودفعه للإنكار مسألة المعاد الجسماني وعودة هذا الجسد إلى الحياة بعد الموت ، ولذلك قال القرآن على لسانهم : (ايَعِدُكُمْ انَّكُمْ اذَا مِتُّم وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً انَّكُمْ مُخْرَجُونَ) (١)
وقال في موضع آخر : (وَقَالُواءَاذَا ضَلَلْنَا في الأَرْضِ أَءِنَّا لَفي خَلْقٍ جَدِيدٍ) (٢)
وقال : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ اذَا مُزِّقْتُمْ كُلَ
__________________
(١) سورة المؤمنون ، الآية ٣٥.
(٢) سورة السجدة ، الآية ١٠.