ومن جانب آخر فكما أنّ جسم إنسانين لايتشابهان قط من جميع الجهات ، وبشهادة التحقيقات الواسعة التي تمت بشأن الأفراد فإنّه لا يتشابه فردان حتى في بنانهما ، فإنّ روحين لا تتشابهان أبداً ، وكما أنّ الجسم ناقص بدون الروح فإنّ الروح تنقص دون الجسم ، وإن إنفصلا عن بعضهما في عالم البرزخ (العالم الفاصل بين الدنيا والآخرة) فانّه إنفصال مؤقت تكون فعالية الروح فيه محدودة ولذلك ليس للحياة البرزخية سعة الحياة لعالم القيامة أبداً.
بعبارة أخرى الروح آمر وعامل مؤثر والبدن مأمور ووسيلة العمل ، وكما لا يستغني الآمر عن المأمور وأدوات العمل ، فإنّ الروح لاتستغني عن الجسم في مواصلتها لفعالياتها ، غاية ما هنالك حيث تستقر الروح في عالم آخر أرفع وأسمى من هذا العالم فلابدّ أن يكون لها جسم أكمل وأرفع وسيكون الأمر كذلك ، على كل حال فإنّ الجسم والروح مكملان لبعضهما ، وعليه فلا يمكن أن يكون المعاد أحادياً كأن يكون روحانياً أو جسمانياً ، وتتضح هذه الحقيقة من خلال تأمل وضع ظهور الجسم والروح.
لكن تبقى هنا أربعة إشكالات أو كما يصورها البعض أربعة مطبات لابدّ من الخوض فيها بالتفصيل وهي :
١ ـ شبهة الآكل والمأكول.
٢ ـ قلّة التربة على الأرض.
٣ ـ أي جسم يعود ، حيث يتبدل جسم الإنسان طيلة عمره.
٤ ـ أين ستقع القيامة والمعاد؟ لأنّ سطح الأرض لا يسعه حشر ونشر كافة الناس.
والآن نسلّط الضوء على كل واحد من هذه الإشكالات.
* * *