لعالمنا كنسبة هذا العالم إلى عالم الجنين ، وعليه فليس من العجيب ألّاتستطيع الألفاظ والمفردات التي نتحدث بها في هذا العالم أن ترسم لناصورة كاملة عن شكل الحياة في العالم الآخر ، فنشعر بالإعياء والعجز لوصف روعة النعم وعظمة تكامل تلك الحياة ، بل يصعب علينا نحن الذين نعيش في سجن الدنيا حتى تصورها.
* * *
على كل حال فحين نقول سيمثل جميع الأفراد للمحاكمة في ذلك العالم ، فإن ذلك لايعني ستنصب عدّة طاولات في المحشر وسيحمل كل فرد ملفه صغيراً كان أم كبيراً تحت إبطه ويرد مع الشهود ، فيمثل مثلاً بين قضاة وحكام تلك المحكمة الذين يكونون من الملائكة ، ثم تبدأ المحاكمة العلنية بعد الإستماع إلى الإفادة والتحقيق والسؤال والجواب ويهب المتهم للدفاع عن نفسه ثم يتداول القضاة ـ الملائكة ـ الحكم فيصدرون أحكامهم بتبرأة الأفراد أو إدانتهم ، وبعد إمضاء الحاكم المطلق ـ الذات الإلهية المقدسة ـ للحكم يبلّغ مأموري إجراء الأحكام الإلهية ؛ أي ملائكة الجنّة والنار بتطبيقها ، كلا ليس الأمر كذلك أبدا! فهناك تتخذ الألفاظ صبغة ومفهومها آخراً ، فهناك شبح للمحكمة إلّاأنّه على مستوى أرفع بالشكل الذي لم نره ونسمعه قط.
وإن ورد الكلام عن ميزان الأعمال فهذا لايعني وضعها في كفة من ميزان ويضعون عدداً من الأثقال في الكفة الثانية حتى تحصل حالة التوازن فيعلم الوزن الواقعي ، أو إن كان أكثر جيىء بميزان ضخم ليحسب وزن الأعمال ، كلا ليس الأمر كذلك. قلنا إنّ الألفاظ هناك تتخذ شكلاً آخر (ولابدّ أن تكون كذلك) لأنّ الحديث عن عالم يختلف تماماً عن عالمنا هذا.