هذه العبارات أنّ الذي سيلازمنا في العالم الآخر هو الأعمال الحسنة والسيئة والتي صدرت منّا في هذا العالم وهي التي ستبلغ بنا التكامل أوالتسافل. فستخرج هذه الأعمال آنذاك من خفاياها وتظهرلنا بشكل جديد ، فإمّا أن تنير أعماقنا وتشعرنا بالحيوية والنشاط وإمّا أن تحرقنا ، على كل حال فهي معنا ولا تفارقنا ، فهي أبدية بإذن الله كسائر الأشياء في ذلك العالم لايتطرق إليها الفناء والزوال ، وهكذا فمسألة الثواب والعقاب ليست مثل أجرة العمال ومعاقبة العبيد ، وليس لها بعد الإنتقام ، كما ليس فيها عبرةللمذنبين أو غيرهم ، بل هي نوع آخر يمكن التعبير عنه ب «أثر العمل».
والطريف في الأمر أنّه ورد في الرواية المعروفة «الدنيا مزرعة الاخرة». وبالإلتفات إلى مفهوم المزرعة يتضح أنّ ما نحصده هناك هو المحصول لبذور الأعمل الحسنة والسيئة التي غرسناها هنا ، فلو نثرنا عدّة بذور من الأشواك ورأينا أنفسنا بعد سنوات أمام ميدان واسع مليئى بالشوك ولابدّ لنا من عبوره ، فهل نكون قد حصلنا على شيء غير الذي زرعناه؟ وبالعكس لو نثرنا بذور الزهور في مزارعنا وواجهتنا بعد مدّة حديقة غنّاء مليئة بالزهور والأوراد ذات الروائح العطرة التي تبعث النشاط والسرور في قلب الإنسان ، فهل تكون سوى نتيجة عملنا؟ فلا في الحالة الأولى هناك ظلمنا ولا في الحالة الثانية ما تلقيناه عبثاً دون حساب ، ولم نحصل في الصورتين سوى على نتيجة عملنا (عليك بالدقّة). والآن نسأل : إذا كانت تلك الأشواك وهذه الزهور خالدة أبدية ، تجعلنا نعيش الألم أو اللذة دائماً ، فهل هناك من مقصر؟ أم أنّ ذلك ينافي العدل؟ أم لنا الحق في الشكوى؟ إذا فهمنا الثواب والعقاب على أساس ما تقدم فسوف تزول كل علامات الإستفهام (عليك