إنّ أغلب الناس يخشون الموت ويهربون من مظاهره ويشمأزون من إسم المقبرة ويسعون جاهدين لاطماس الماهية الأصلية للقبور من خلال تزيينها وإضفاء بعض الجمالية عليها ، حتى أنّهم يلجأون إلى تحذير الأفراد من بعض الأشياء الخطرة ـ غير الخطرة التي لايريدون للآخرين أن يقتربوا منها أو يخربوها من خلال الكتابة عليها «خطر الموت» ويرسمون عليها صورة لعظمين من عظام ميت في حالة علامة في خلف جمجمة جوفاء خالية من الروح تطالع الإنسان.
وقد حفلت النتاجات الأدبية لمختلف أصقاع الدنيا بما يفيد خوف الإنسان من الموت ، فبعض العبارات من قبيل «هيولا الموت» ، «شبح الموت» ، «صفعة الموت» و«مخالب الموت» وما إلى ذلك من التعبيرات التي تدل على مدى القلق والهلع والضطراب.
كما يؤيد ذلك القصة المعروفة بشأن رؤيا هارون الرشيد ـ الذي رأى في المنام سقوط جميع أسنانه ـ فعبّر له شخصان تلك الرؤيا قال الأول : يموت جميع أفراد أهلك قبلك. وقال الثاني : إنّ عمر الخليفة سيكون أطول من جميع قرابته ، فما كان ردّ فعل هارون الرشيد إلّاأن وهب الثاني مئة دينار ، بينما جلد الأول مئة جلدة ، فهذا دليل آخر على خشية الإنسان من الموت. وذلك لأنّ الفردين عبّرا عن حقيقة واحدة ، إلّاأنّ أحدهما ذكر الموت بالنسبة لقرابة الخليفة فكان جزاؤه مئة جلدة ، وعبّر الآخر عن ذلك الموت بطول عمر الخليفة فتناول مئة دينار!.
ناهيك عن كل ما سبق فقد إعتاد الناس بعض الأمثال والعبارات التي تكشف عن مدى خشيتهم من الموت ، فإذا أرادوا مثلاً تشبيه فرد بآخر ميت في قضية إيجابية خاطبه قائلاً «إسم الله عليك» أو «أبعد الله عنك» ذلك ، أو