بنا هذه القوة الباطنية الخفية باتجاه الحصول على أخبار تلك الحادثة ، ثم نرانا نجهد أنفسنا في هذا المجال دون أن نعلم الدافع والسبب الذي يقف وراء كل هذا الشوق واللهفة لرؤية تلك الحادثة والوقوف على تفاصيلها التي قد لايكون لها أدنى إرتباط بأوضاعنا ، فلا نستقر ولايهدأ لنا بال مالم نفهم تلك الحادثة.
ترافقنا هذه الحالة منذ اللحضات الأولى للعمر ولا تنفصل عنّا حتى آخر العمر ، ثم أطلقوا على ذلك فيما بعد اسم «حس حبّ الإطلاع» وقالوا إنّه جزء من فطرة الإنسان.
وكثيرة هي نظائر هذه الغرائز والإلهامات الفطرية ، إلّاأنّ أحداً لا يسعه أن يزودنا بايضاحات أكثر بشأن مصدر هذه الإلهامات الفطرية ، ولكن على كل حال ليس لدينا أي شك في أصل وجودها ودورها في إرشادنا وتوجيهنا التكويني.
* * *
والإيمان بالحياة بعد الموت واحد من هذه «الإلهامات الفطرية» : لدينا عدّة شواهد تاريخية تفيد عمق إيمان البشرية على مدى التأريخ ، بل في العصور التي ما قبل التأريخ بالحياة الآخرة بعد الموت ، والدليل على ذلك الآثار المختلفة التي خلفها قدماء الناس وكيفية بناء قبورهم والأشياء التي كانوا يدفنونها في التراب مع موتاهم ـ كما سيأتي شرح ذلك بالتفصيل ـ والتي تفيد إيمان الإنسان بحياة ما بعد الموت على ضوء إلهاماته الباطنية ، حيث لايمكن التصديق بأنّ مسألة ليست بفطرية وقد تمكنت من الحفاظ على قوتها ورسوخها إلى هذه الدرجة طيلة التأريخ ولما قبله إلى أبعد العصور والأزمنة حتى بقيت عالقة في الأذهان ، فمثل هذه المسائل