بها ، مثلاً يبحث الإنسان ـ على ضوء إلهام فطري ـ عن خالق العالم ، إلّاأنّ قصر النظر والجهل والتخلف الفكري قد يقذف به أحياناً في مخالب «التشبيه والقياس» وذلك لأنّ هذه هي سجية محدودي الفكر حيث يجعلون أنفسهم محوراً لكل شيء فيقيسون كل شيء ويشبهونه بهم ، وإثر هذه التشبيه والقياس يقدمون على عبادة كل شيء سوى «الاله الحقيقي» من قبيل الحشرة المصرية إلى الفيل الهندي بصفتهما الإله الذي ينبغي أن يعبد على حدّ تعبير المؤرخ المشهور «ويل دورانت». (١)
والأعجب من ذلك ما أخبرنا به بعض المسافرين القادمين من اليابان أنّهم رأوا بأم أعينهم المعابد التي تضم الأوثان الصغيرة والكبيرة التي تضم بعض الأصنام بصورة «آلات تناسلية للرجل والمرأة» فيقوم البعض بعباداتها وأداء مراسم التقديس لها!
وقد طبعت بهذه الأشكال قضية المعاد والقيامة التي تبناها الإلهام الفطري لمساعدة الإنسان ومهد السبيل أمامه بهدف التوجه العقلاني لعالم ما بعد الموت ، لأنّ إنعكاس شعاع هذا الإلهام الفطري من الزجاجات المعوّجة لأفكار الناس قصارى النظر أدّى إلى تفاقم الإنحرافات التي غيرت بالمرة وجه هذه القضية.
وفي الواقع فإنّ التشبيه والقياس المذكور جعل البشرية تعيش الخرافات العجيبة التي تفوق التصور والخيال إزاء قضية القيامة ، فكان لابدّ من إيداع كافة أدوات الإنسان ووسائله التي يحتاجها في القبر ظناً بأنّ الحياة في ذلك العالم هي عين هذه الحياة على جميع الأصعدة والنواحي.
__________________
(١) تأريخ ويل دورانت ، ج ١ ، ص ٩٣.