مسيرته نحو المدنية والكمال.
ولكن لاينبغي الغفلة عن أنّ الاستنتاج الصحيح من هذه الإلهامات الفطرية إنّما يتوقف دائماً على نمط تفكير الإنسان وما يدور في ذهنه ، يعني لو كان هناك بعض الأفراد الذين يعيشون الضعف والعجز من حيث التفكير والعلم فإنّ إلهاماتهم الفطرية ستبدو على هيئة منحطة وناقصة وأحياناً مقلوبة.
بعبارة أخرى : لابدّ من سقي شجرة الإلهامات الفطرية بماء العلم على الدوام لتؤتي أكلها كل حين ، وإلّافإن تلك الإلهامات ستكون مشوبة بأنواع الخرافات والأباطيل ، وقد تعطي أحياناً نتائج معكوسة.
والمثال الواضع الذي يمكننا الاستشهاد به في هذا الموضع هو «الغريزة الجنسية» التي تعتبر نوعاً من الإلهام الطبيعي والفطري «لحفظ النسل» والتي تدفع بالإنسان لحفظ نسله ، ولكنّها إن إمتزجت بالأفكار الوضعية والأخلاق المنحّطة ، لأصبحت بؤرة فساد وفاحشة قاتلة للنسل ، يعني بالضبط يحدث عكس المطلوب ، من جانب آخر فإنّ كافة أقوام العالم تضع بعض المقررات والقوانين لعقد الزوجية بغية عدم تزلزل نسلها بفعل الفوضى الجنسية ، وتصدع كيانها ونظامها الاجتماعي ، إلّاأنّ هذه المقررات والقوانين قد تكون على درجة من الصعوبة والتعقيد التي تفرزها حالة ضيق النظر والتخلف الفكري بحيث تسوق الأفراد نحو مقاطعة الزواج والإنغماس في الفاحشة ، وكلاهما يهدد قضية حفظ النسل ، وبناءاً على هذا فانّ الزعامة الخاطئة للغريزة الجنسية إنّما تعطي نتيجة معكوسة في حفظ النسل.
والقضية كذلك بالنسبة للحاجات الروحية والإلهامات الفطرية المتعلقة