مختبرهما في باريس عنصراً جديداً يعرف بالراديوم والذي يتصف بخاصية عجيبة تتمثل بفرزه دائماً للحرارة والضوء ، ثم توصل العلماء بعد عدّة تحقيقات في هذا المجال إلى أنّ ذرات الراديوم في حالة تآكل وزوال على الدوام ، وفي الواقع فإنّ هذه الأجسام إنّما تفقد جزءاً من وجودها حين تنبعث من باطنها تلك الطاقة الحرارية والضوء ، وقد أدّى الإكتشاف الكبير إلى تعديل قانون بقاء المادة للعالم لافوازية فحلّ محلّه قانون «بقاء المادة ـ الطاقة» ؛ أي ثبت أنّ مجموع مادة العالم وطاقته ثابتة ليست متغيرة ولاينقص منها مثقال ذرة ، فتحول المادة إلى مادة أخرى ، والطاقة إلى طاقة أخرى ، والمادة إلى طاقة ممكن ، أمّا الفناء والعدم فليس له من سبيل إلى هذا العالم.
وبناءاً على ما تقدم فليس فقط ذرات وجودنا في هذا العالم لا تزول فحسب ، بل هي محفوظة في هذا الصندوق الكبير إلى جانب أفعالنا وأعمالنا وأقوالنا وتصرفاتنا وحتى أمواج أدمغتنا المغناطيسية التي تمثل بأجمعها صوراً وأشكالاً مختلفة للطاقة حين التفكير ، ولو كانت لدينا الأجهزة والوسائل الكافية لأستطعنا سحب كافة الأمواج الصوتية لأسلافنا ودورهم في الحياة.
ونعلم إنّ هذا العمل قد حصل بصورة مصغرة ، حيث تمكن العلماء وبالاستفادة من بعض الأمواج الصوتية المتبقية على الظروف الخزفية لما قبل ألفي سنة حيث يحيون أصوات النحّاسين آنذاك ويسمعها الجميع. (١)
وتشير المطالعات على بدنة هذه الظروف الخزفية أنّه حين صنعها قد انتقشت الأمواج لصنّاعها عن طريق رعشات أيديهم على البدنة وبمساعدة
__________________
(١) كتاب الطريق المجتاز