إستفحال الخطيئة في أوساط المجتمعات المعاصرة ، فالآثمون مهما تخلصوا من بعض الأمور فإنّه لايسعهم الخلاص من عذاب الضمير وتأنيبه ، وما هذه الأمراض النفسية المختلفة إلا إنعكاسات لذلك العذاب والتأنيب.
إنّنا لنعرف الكثير من الشخصيات السياسية المعروفة التي تفقد جميع قواها وطاقاتها خلال مدّة قصيرة وتستسلم للموت لمجرّد سقوطها ممّا كانت تحظى به من مقامات ومناصب.
ولعل أحد العوامل المهمّة لذلك هي أنّهم حين كانوا يتصدون للأعمال لم يكونوا يصغون لصوت الضمير ـ تجاه المخالفات التي كانت تسود حياتهم ـ أمّا الآن وقد تبخر ذلك الصخب والنشاط فقد أخذت محكمة الضمير تشدد خناقها عليهم فأخذوا يترنحون على ضربات عذابها الموجع.
هذه بعض النماذج البسيطة التي تتميز بها هذه المحكمة العجيبة والتي أسميناها الضمير.
* * *
فهل يمكن التصديق بوجود مثل هذه المحكمة وبهذه الأجهزة لدى هذا الإنسان الصغير بينما تنعدم مثل هذه المحكمة في هذا العالم الواسع من أجل النظر في أعمالنا صالحها وطالحها؟
أو لا تلفت نظرنا هذه المحكمة الصغيرة إلى باطن هذا العالم العظيم الذي يضم محكمة عظيمة تسع هذا العالم وبعظمة خالقه الجبار ، والتي لا تعرف للعيب والنقص من حدود ، ولابدّ أن يحضرها الجميع يوماً ليرى ما بدر منه من أعمال ربّما يكون نساها إلّاأنّها محفوظة هناك حيث لايضيع شيء ولاينسى شيء ، وعقابها نار أرعب وأوجع من نار الضمير وثوابها أكبر وأعمق من ثوابه ولكل حسب سعيه وعمله؟