____________________________________
أو الإيصاء ، ثم قراءة القرآن وإهداؤها له تطوعا بغير أجرة تصل إليه ، وأما لو أوصى بأن يعطي شيء من ماله لمن يقرأ القرآن على قبره ، فالوصية باطلة لأنه في معنى الأجرة كذا في الاختيار (١). وهذا مبني على عدم جواز الاستئجار على الطاعات ، لكن إذا أعطى لمن يقرأ القرآن ويعلّمه ويتعلّمه معونة لأهل القرآن على ذلك كان هذا من جنس الصدقة عنه فيجوز.
ثم القراءة عند القبور مكروهة عند أبي حنيفة ومالك وأحمد رحمهمالله في رواية لأنه محدث لم ترد به السّنّة ، وقال محمد بن الحسن وأحمد في رواية : لا يكره لما روي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه أوصى أن يقرأ على قبره وقت الدفن بفواتح سورة البقرة وخواتمها والله سبحانه وتعالى أعلم.
ومنها : أنه لا يجوز أن يقال يستجاب دعاء الكافر على ما ذهب إليه الجمهور لقوله تعالى : (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) (٢). أي في ضياع وخسار لا منفعة فيه ، وفيه أن مورده خاص بالعقبى فلا ينافي أن يستجاب دعاؤه في أمر الدنيا كما يدل عليه دعاء إبليس وإجابته سبحانه له في الإمهال ، ويؤيده حديث إن دعوة المظلوم تستجاب ، وإن كان كافرا وإلى جوازه ذهب أبو القاسم الحكيم وأبو نصر الدبوسي ، قال الصدر الشهيد : وبه يفتى وأما ما استدلّ به في شرح العقائد بأن الكافر لا يدعو الله تعالى لأنه لا يعرفه ففيه أنه قد ورد في حقهم قوله تعالى : (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) (٣) الآية ، قال أبو حنيفة رحمهالله ، وصاحباه : يكره أن يقول الرجل : أسألك بحق فلان ، أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام ، والمشعر الحرام ، ونحو ذلك إذ ليس لأحد على الله حق ، وكره أبو حنيفة ومحمد رحمهماالله تعالى أن يقول : الدّاعي اللهمّ إني أسألك بمقعد العز من عرشك ، وأجازه أبو يوسف لما بلغه الأثر فيه قلت قد ورد أيضا : اللهمّ إني أسألك بحق السائلين عليك ، وبحق ممشاي إليك (٤) ،
__________________
(١) الاختيار ٥ / ٨٤ وهو شرح المختار لأبي الفضل مجد الدين عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي المتوفى سنة ٦٨٣ ه. انظر الفوائد البهية ص ١٠٦.
(٢) الرعد : ١٤.
(٣) يونس : ٢٢.
(٤) أخرجه ابن ماجة ٧٧٨ من حديث أبي سعيد الخدري وفيه عطية العوفي ضعيف وضعّفه ابن تيمية في التوسّل والوسيلة ص ١٠٧ وقال هو ضعيف بإجماع أهل العلم. ا. ه.