ووزن الأعمال بالميزان يوم القيامة حق ، ...
____________________________________
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) (١). ومنه قوله سبحانه وتعالى : (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) (٢) إذ مفهومه أنها تنفع المؤمنين ، وكذا شفاعة الملائكة لقوله تعالى : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) (٣). وكذا شفاعة العلماء والأولياء والشهداء والفقراء ، وأطفال المؤمنين الصابرين على البلاء.
وقال الإمام الأعظم رحمهالله تعالى في كتابه الوصية : وشفاعة محمد صلىاللهعليهوسلم حقّ لكل من هو من أهل الجنة ، وإن كان صاحب كبيرة انتهى ... وظاهره أن هذه الشفاعة ليست مختصّة بأهل الكبائر من هذه الأمة فإنه عليه الصلاة والسلام بالنسبة إلى جميع الأمم كاشف الغمّة ، ونبيّ الرحمة ، وقد ثبت أن له عليه الصلاة والسلام أنواعا من الشفاعة ليس هذا مقام بسطها ، وفي العقائد النسفية (٤) والشفاعة ثابتة [للرسل] (٥) ، والأخيار في حق أهل الكبائر بالمستفيض من الأخبار ، وفي المسألة خلاف المعتزلة إلا في نوع الشفاعة لرفع الدرجة (ووزن الأعمال) أي المجسّمة أو صحفها المرسمة (بالميزان) أي الذي له لسان وكفّتان (يوم القيامة حق) لقوله تعالى : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) (٦). إظهارا لكمال الفضل وجمال العدل كما قال الله سبحانه وتعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) (٧).
وقال الغزالي والقرطبي (٨) رحمهماالله تعالى : لا يكون الميزان في حق كل أحد فالسبعون ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب لا يرفع لهم الميزان ، ولا يأخذون صحفا
__________________
(١) غافر : ٥٥.
(٢) المدّثر : ٤٨.
(٣) النبأ : ٣٨.
(٤) ص : ١٨٢.
(٥) تصحيف في الأصل : للرسول صلىاللهعليهوسلم وصحّحتها من العقائد النسفية.
(٦) المؤمنون : ١٠٢.
(٧) الأنبياء : ٤٧.
(٨) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي المالكي صاحب التفسير المشهور الذي يدل على إمامته ، وكثرة اطّلاعه ، ووفور فضله ، وتبحّره في مختلف الفنون. المتوفى سنة ٦٧١ ه. انظر طبقات المفسّرين للداودي ٢ / ٦٩ ، وحسن المحاضرة ١ / ٤٥٧.