ولم يبطلها بالكفر والردّة حتى خرج من الدنيا مؤمنا فإن الله تعالى لا يضيعها ، بل يقبلها منه ويثيبه عليها. وما كان من السيئات دون الشرك والكفر ولم يتب عنها صاحبها حتى مات مؤمنا فإنه في مشيئة الله تعالى إن شاء عذّبه بالنار ، وإن شاء عفا عنه ولم يعذّبه بالنار أصلا ...
____________________________________
والجماعة ، بل مبني على قواعد المعتزلة ، ثم ما ورد من نحو قوله عليه الصلاة والسلام : «الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب» (١). فمؤوّل بأن الحسد غالبا يحمل الحاسد على ارتكاب سيئات بالنسبة إلى المحسود فيعطي له من حسنات يعملها الحاسد في اليوم الموعود (ولم يبطلها) تأكيد لما قبلها وتأييد لتعلّق ما بعدها (حتى خرج من الدنيا) وفيه إيماء إلى أنه ما دام فيها فهو في خطر من إبطال الطاعة وإفسادها (فإن الله تعالى لا يضيعها) بتخفيف الياء وتشديدها وذلك لقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (٢). وفي آية أخرى : (أَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) (٣). (بل يقبلها منه) أي بفضله وكرمه (ويثيبه عليها) أي بمقتضى وعده وحكمه (وما كان من السيئات) أي المعاصي جميعها (دون الشرك) أي الإشراك خصوصا (والكفر) أي عموما (ولم يتب عنها) أي عن السيئات صغيرها وكبيرها دون ما استثنى منها (حتى مات مؤمنا) أي غير تائب (فإنه في مشيئة الله تعالى) أي تحت تعلّق إرادته سبحانه بعذابه عليها أو عفوه عنها كما بيّنه بقوله : (إن شاء عذبه) أي بعدله على قدر استحقاق عقابه ، (وإن شاء عفا عنه) أي بفضله ولو وقع شفاعة في بابه (ولم يعذبه بالنار أصلا) بل يدخله الجنة ويجعله فيها مخلّدا.
__________________
(١) أخرجه أبو داود ٤٩٠٣ ، والبيهقي في الآداب ص ٢٩ من طريق إبراهيم بن أبي أسيد عن جدّه عن أبي هريرة ، قال الحافظ في التقريب : إبراهيم بن أبي أسيد عن جده لا يعرف.
وأخرجه من حديث أنس بن ماجة ٤٢١٠ وفيه عيسى بن أبي عيسى الحناط متروك ، والديلمي ٢٨١٢ ، والقضاعي في مسند الشهاب ١٠٤٩ ، والخطيب في تاريخه ٢ / ٢٢٧ ، وفيه محمد بن محمد بن حسين بن حريقا البزار ذكره الخطيب وقال : روى عنه عبد الله بن إسحاق الخراساني المعدل ، فهو مجهول.
وأخرجه من حديث ابن عمر القضاعي في مسند الشهاب ١٠٤٨ وفيه عمر بن محمد بن حفصة الخطيب. قال الحافظ الذهبي في الميزان ٣ / ٢٢٢ له في مسند الشهاب ، ثم ذكر هذا الحديث ثم قال : فهذا بهذا الإسناد باطل. وأقرّه الحافظ في اللسان.
والخلاصة : أن الحديث ضعيف.
(٢) التوبة : ١٢٠.
(٣) آل عمران : ١٧١.