والإسلام هو التسليم والانقياد لأوامر الله تعالى فمن طريق اللغة فرق بين الإيمان والإسلام ولكن لا يكون إيمان بلا إسلام ، ....
____________________________________
فصل
قال الإمام الأعظم رحمهالله في كتابه الوصية : ثم العمل غير الإيمان والإيمان غير العمل بدليل أن كثيرا من الأوقات يرتفع العمل من المؤمن ، ولا يجوز أن يقال : يرتفع عنه الإيمان فإن الحائض ترتفع عنها الصلاة ، ولا يجوز أن يقال : يرتفع عنها الإيمان ، أو أمر لها بترك الإيمان ، وقد قال لها الشارع : دعي الصوم ثم اقضيه ، ولا يصحّ أن يقال : دعي الإيمان ، ثم اقضيه ، ويجوز أن يقال : ليس على الفقير زكاة ، ولا يجوز أن يقال ليس على الفقير الإيمان. انتهى.
وحاصله أن العمل مغاير للإيمان عند أهل السّنّة والجماعة لا أنه جزء منه ، وركن له من الأركان كما يقوله المعتزلة ، لما يدل عليه العطف الذي هو في الأصل مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه حيث جاء في القرآن من نحو قوله تعالى : (آمَنُوا وَعَمِلُوا) (١) (والإسلام هو التسليم) أي باطنا (والانقياد لأوامر الله تعالى) أي ظاهرا (فمن طريق اللغة) وفي نسخة ، ومن طريق اللغة (فرق بين الإيمان والإسلام) فإن الإيمان في اللغة هو التصديق كما قال الله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) (٢). أي بمصدّق لنا في هذه القصة والإسلام مطلق الانقياد ومنه قوله تعالى : (وَلَهُ أَسْلَمَ) (٣) أي انقاد (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً) (٦). أي الملائكة والمسلمون (وَكَرْهاً) (٧) أي الكفرة حين البأس فالإيمان مختص بالانقياد الباطني والإسلام مختص بالانقياد الظاهري كما يشير إليه قوله تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٤). وكما يدلّ عليه حديث جبرائيل عليهالسلام حيث فرّق بين الإيمان والإسلام (٥) بأن جعل الإيمان محض التصديق والإسلام هو القيام بالإقرار ، وعمل الأبرار في مقام التوفيق (ولكن لا يكون) أي لا يوجد في اعتبار الشريعة (إيمان بلا إسلام) أي انقياد باطني بلا انقياد ظاهري ، كما أن لأهل الكتاب ، وكما وجد لأبي طالب حال
__________________
(١) الشعراء : ٢٢٧.
(٢) يوسف : ١٧.
(٣) آل عمران : ٨٣.
(٦) آل عمران : ٨٣.
(٧) آل عمران : ٨٣.
(٤) الحجرات : ١٤.
(٥) حديث جبريل تقدم تخريجه فيما سبق.