وكل شيء ذكره العلماء بالفارسية من صفات الله تعالى عزّ اسمه فجاز القول به سوى اليد بالفارسية ، ويجوز أن يقال : بروي خداى عزوجل بلا تشبيه ولا كيفية. وليس قرب الله ولا بعده ...
____________________________________
ذلك الشأن ، وليست الدنيا بدار هذا الاضطرار لأنها خلقت للابتلاء والاختبار ، فلا بدّ من دار يقع فيها هذا الأمر المختار ، ولذا قال الله تعالى : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً). (١) ولأن الحكمة تقتضي جزاء كل عامل على حسب عمله ، وقد ينعم على العاصي ويبتلي المطيع في دار الدنيا للابتلاء فلا بدّ من دار الجزاء ، ولأن جزاء العمل الصالح نعمة لا يشوبها نقمة وجزاء العمل السيئ نقمة لا يشوبها نعمة ، ونعم الدنيا مشوبة بالنقم ونقمها بالنّعم فلا بدّ من دار يحصل فيها كمال الجزاء ، ولأنه قد يموت المحسن والمسيء قبل أن يصل إليهما ثواب ، أو عقاب فلولا حشر ونشر يصل بهما الثواب إلى المحسن والعقاب إلى المسيء لكانت هذه الحياة عبثا ، وقد قال الله سبحانه : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) (٢). (وكل ما) وفي نسخة وكل شيء (ذكره العلماء بالفارسية) أي بغير العبارة العربية (من صفات الله تعالى) أي المتشابهة كالوجه والقدم والعين ، وفي نسخة من صفات الباري (عزّت أسماؤه) أي غلبت على الأفهام (وتعالت صفاته) أي ارتفعت عن الأوهام (فجاز القول به) أي بأن نتبعهم في التعبير عن أسمائه وصفاته حسب ما ذكره العلماء باختلاف لغاته (سوى اليد بالفارسية) أي فإنه لا يجوز تعبيرها بالفارسية ، كما في نسخة أي بغير عبارة وردت في الكتاب والسّنّة ، ومفهومه : أنه يجوز للعلماء وغيرهم أن يعبّروا في صفته ونعته بذكر اليد ونحوها على وفق ما ورد بها كما يقال بيده أزمة التحقيق ، والله وليّ التوفيق ، ويتفرّع على الحصر المذكور بالوجه المسطور قوله : (ويجوز أن يقال : بروي خداى عزوجل) بضم الراء وسكون الواو أي وجه الله (بلا تشبيه ولا كيفية) أي مقرونا بنفي التشبيه والكيفية من الهيئة والكمية كما يقتضيه التنزيه ، وإذا كان القول مقرونا بالتنزيه ونفي التشبيه فالفرق بين اليد والوجه تدقيق يحتاج إلى تحقيق ، ثم رأيت السلف أجمعوا على عدم تأويل اليد وتبعهم الأشعري في ذلك بخلاف سائر الصفات فإن فيها خلافا عنهم بين التأويل والتفويض.
(وليس قرب الله تعالى) أي من أرباب الطاعة (ولا بعده) أي من أصحاب المعصية
__________________
(١) النبأ : ١٧.
(٢) الأنبياء : ١٦.