وسؤال منكر ونكير في القبر حق كائن ...
____________________________________
(وسؤال منكر ونكير) أي حيث يقولان من ربك وما دينك ومن نبيّك (في القبر) أي في قبره ، أو مستقره (حق كائن) أي واقع ، وإخباره عليه الصلاة والسلام بعذابه صدق ، ففي (١) الصحيحين : «عذاب القبر حق» (٢) ومرّ عليه الصلاة والسلام على قبرين فقال : «إنهما ليعذّبان» (٣) ، وقد نزل فيه قوله تعالى : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) (٤). أي في القبر كما في الصحيحين (٥) وغيرهما ، واستثنى من عموم سؤال القبر الأنبياء عليهمالسلام والأطفال والشهداء. ففي صحيح مسلم أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن ذلك فقال : «كفى ببارقة السيوف شاهدا» (٦) ففي الكفاية (٧) أن لا سؤال للأنبياء عليهمالسلام.
وقال السيد أبو شجاع (٨) من علماء الحنفية : إن للصبيان سؤالا ، وكذا للأنبياء عند البعض ، وقال بعضهم : صبيان المسلمين مغفور لهم قطعا والسؤال لحكمة لم يطّلع
__________________
(١) تصحّفت في الأصل إلى : نفي ، والصواب : ففي. كما أثبتناه.
(٢) أخرجه البخاري ١٣٧٢ ، ومسلم ٥٨٤ ، والنسائي ٤ / ١٠٤ و ١٠٥ ، كلهم من حديث عائشة.
(٣) هو بعض حديث أخرجه البخاري ١٣٧٨ و ٢١٨ و ٦٠٥٢ ، ومسلم ٢٩٢ ، وأبو داود (٢٠) ، والترمذي (٧٠) ، والنسائي ١ / ٢٨ ـ ٣٠ ، وابن أبي شيبة ٣ / ٣٧٥ ، وأحمد ١ / ٢٢٥ ، والبيهقي ٢ / ٤١٢ ، والدارمي ١ / ١١٨ ـ ١٨٩ ، وابن حبان ٣١٢٨ ، والآجري في الشريعة ص ٣٦٢ ، والبغوي ١٨٣ كلهم من حديث ابن عباس.
(٤) إبراهيم : ٢٧.
(٥) يشير المصنّف إلى الحديث الذي أخرجه البخاري ٤٦٩٩ ، ومسلم ٢٨٧١ ، وأبو داود ٤٧٥٠ ، والترمذي ٣١١٩ ، والنسائي ٦ / ١٠١ ، وابن ماجة ٤٢٦٩ ، كلهم من حديث البراء بن عازب عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمدا رسول الله فذلك قوله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ).
(٦) الحديث لم يخرجه مسلم وليس هو في صحيحه كما وهم المصنّف بل أخرجه النسائي ٤ / ٩٩ في الجنائز باب الشهيد من حديث راشد بن سعد عن رجل من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم أن رجلا قال : يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال : كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنته. وإسناده حسن.
(٧) هو البداية في أصول الدين والكفاية لنور الدين أبو بكر أحمد بن محمود بن أبي بكر الصابوني البخاري الحنفي المتوفى سنة ٥٨٠ ه. انظر كشف الظنون ص ١٤٩٩ ، والفوائد البهية ص ٤٢.
(٨) هو محمد بن أحمد بن حمزة المشتهر بالسيد أبي شجاع كان في عصر ركن الإسلام علي بن الحسين السعدي بسمرقند وكان الإمام أبو الحسن الماتريدي معاصرا لهما وكان المعتبر في زمانهم في الفتاوى أن يجتمع خطّهم عليها. انظر الفوائد البهية ص ١٥٥.