وإيمان أهل السماء والأرض لا يزيد ولا ينقص من جهة المؤمن به ويزيد وينقص من جهة اليقين والتصديق ....
____________________________________
والترمذي والنسائي وابن ماجة وغيرهم.
وقال في شرح المقاصد : الإقرار إذا جعل شرط إجراء الأحكام لا بدّ أن يكون على وجه الإعلان على الإمام وغيره من أهل الإسلام بخلاف ما إذا جعل ركنا له ، فإنه يكفي له مجرد التكلّم مرة ، وإن لم يظهر لغيره ، والظاهر أن التزام الشرعيات يقوم مقام ذلك الإعلان كما لا يخفى على الأعيان ، ثم الاجتماع منعقد على إيمان من صدق بقلبه وقصد الإقرار بلسانه ومنعه مانع من خرس ونحوه.
فظهر أن حقيقة الإيمان ليست مجرد كلمتي الشهادة على ما زعمت الكرامية (وإيمان أهل السماء) أي من الملائكة وأهل الجنة (والأرض) أي من الأنبياء والأولياء وسائر المؤمنين من الأبرار والفجّار (لا يزيد ولا ينقص من جهة المؤمن به ويزيد وينقص من جهة اليقين والتصديق). نفسه لأن التصديق إذا لم يكن على وجه التحقيق يكون في مرتبة الظن والترديد والظن غير مفيد في مقام الاعتقاد عند أرباب التأييد قال الله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (١). فالتحقيق أن الإيمان كما قال الإمام الرازي لا يقبل الزيادة والنقصان من حيثية أصل التصديق لا من جهة اليقين فإن مراتب أهلها مختلفة في كمال الدين كما أشار إليه سبحانه بقوله : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (٢). فإن مرتبة عين اليقين فوق مرتبة علم اليقين ، وكذا ورد ليس الخبر كالمعاينة (٣) ، وإن قال بعضهم : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا يعني أصل اليقين لمطابقة علم اليقين في ذلك الحين وهو لا ينافي زيادة اليقين عند الرؤية كما هو مشاهد لمن له علم بالكعبة في الغيبة ، ثم حصل له المشاهدة في عالم الحضرة.
وعلى هذا فالمراد بالزيادة والنقصان القوة والضعف فإن التصديق بطلوع الشمس أقوى من التصديق بحدوث العالم ، وإن كانا متساويين في أصل تصديق المؤمن به ، ونحن نعلم قطعا أن إيمان آحاد الأمة ليس كإيمان النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولا كإيمان أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه باعتبار هذا التحقيق ، وهذا معنى ما ورد : «لو وزن إيمان أبي بكر
__________________
(١) يونس : ٣٦.
(٢) البقرة : ٢٦٠.
(٣) تقدّم تخريجه فيما سبق.