خلق الله تعالى الأشياء لا من شيء ، وكان الله تعالى عالما في الأزل بالأشياء قبل كونها وهو الذي قدّر الأشياء وقضاها ، ....
____________________________________
يستحيل عليه العدم فما (١) سمّى به الربّ نفسه وسمّى به مخلوقاته مثل الحيّ والقيوم (٢) والعليم والقدير [أو سمّى به بعض صفاته كالغضب والرضى] (٣) ، أو سمى به بعض صفات عباده فنحن نعقل بقلوبنا معاني هذه الأسماء في حق الله (٤) وأنه حق ثابت موجود ، ونعقل أيضا معاني هذه الأسماء في حق المخلوق ونعقل بين المعنيين قدرا مشتركا ، لكن هذا المعنى لا يوجد في الخارج مشتركا ، إذ المعنى المشترك الكلي لا يوجد مشتركا إلا في الأذهان ولا يوجد في الخارج إلا معينا مختصّا فيثبت في كلّ منهما كما يليق به (٥) (خلق الله تعالى الأشياء) من الذّوات والحالات كالسكون والحركات والأنوار والظلمات والشرور والخيرات والعلويات والسفليات (لا من شيء) أي لا من مادة سابقة على المخلوقات لقوله تعالى : (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٦). أي مبدعهما ومخترعهما من غير مثال سبق له فيهما حال ابتدائهما وإنشائهما ولا ينافيه أن خلق بعض الأشياء من بعض المواد على وفق ما أراد فإن أصول تلك المواد خلقت من غير وجود شيء في عالم الكون والفساد ولو تصوّر وجود الشيء السابق فهو تحت خلق الخالق لقوله تعالى : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (٧).
ولأنه سبحانه كان ولم يكن معه شيء بل في نظر العارفين هو الآن على ما كان فهو منزّه على أن يكون له شريك في الخلق والفعل والمادة ولو في إيجاده ذرّة أو إمدادها بسكون أو حركة (وكان الله عالما في الأزل بالأشياء قبل كونها) أي قبل وجود الأشياء وتحقّقها في عالم الإبداع ، وهذا معنى قوله تعالى : (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٨). وما ثبت قدمه استحال عدمه فلا يحتاج إلى أن يقال كان زائدة أو رابطة (وهو الذي قدر الأشياء وقضاها). أي والحال أنه قدّر الأشياء على طبق إرادته ، وحكم وفق حكمته في
__________________
(١) في شرح الطحاوية [وما سمي].
(٢) القيوم غير موجودة في الطحاوية.
(٣) سقط ما بين حاصرتين من الأصل واستدرك من الطحاوية.
(٤) زاد في شرح الطحاوية [الله تعالى].
(٥) انظر شرح العقيدة الطحاوية ٢ / ٦٨٥ ـ ٦٨٧.
(٦) فاطر : ١.
(٧) الزمر : ٦٢.
(٨) الأحزاب : ٤٠.