وصفاته لم يحدث له اسم ولا صفة لم يزل عالما بعلمه والعلم صفة في الأزل قادرا بقدرته والقدرة صفة في الأزل ومتكلّما بكلامه ، والكلام صفة في الأزل وخالقا بتخليقه والتخليق صفة في الأزل وفاعلا بفعله ، والفعل صفة في الأزل
____________________________________
وصفاته) ، أي موصوفا بنعوت الكمال ، ومعروفا بأوصاف الجلال والجمال. (لم يحدث له اسم ولا صفة) ، يعني أن صفات الله وأسمائه كلها أزلية لا بداية لها ، وأبدية لا نهاية لها ، لم يتجدّد له تعالى صفة من صفاته ولا اسم من أسمائه ، لأنه سبحانه واجب الوجود لذاته الكامل في ذاته وصفاته ، فلو حدث له صفة أو زال عنه نعت لكان قبل حدوث تلك الصفة وبعد زوال ذلك النعت ناقصا عن مقام الكمال ، وهو في حقه سبحانه من المحال فصفاته تعالى كلها أزلية أبدية.
وهاهنا سؤال مشهور وهو أنه قد ورد الإخبار في كلامه سبحانه بلفظ المضي كثيرا نحو قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً) (١). وقال موسى : (فَعَصى فِرْعَوْنُ) (٢). والإخبار بلفظ الماضي عما لم يوجد بعد كذب ، والكذب عليه محال ، وله جواب مسطور وهو أن إخباره تعالى لا يتّصف أزلا بالماضي ، والحال والاستقبال لعدم الزمان ، وإنما يتّصف بذلك فيما لا يزال بحسب التعلقات فيقال : قام بذات الله تعالى إخبار عن إرسال نوح مطلقا ، وذلك الإخبار موجود أزلا باق أبدا فقبل الإرسال كانت العبارة الدالّة عليه إنّا نرسل وبعد الإرسال إنّا أرسلنا فالتغيير في لفظ الخبر لا في الإخبار القائم بالذات. وهذا كما تقول في علمه تعالى إنه قائم بذاته سبحانه وتعالى أزلا العلم بأن نوحا مرسل ، وهذا العلم باق أبدا فقبل وجوده علم أنه سيوجد ، وبعد وجوده علم بذلك العلم أنه وجد وأرسل والتغيير في المعلوم لا في العلم (لم يزل عالما بعلمه) ، أي بعلمه الذي هو صفته الأزلية لا بعلم لاحق يلزم منه جهل سابق وهذا معنى قوله : (والعلم صفة في الأزل) يعني وما ثبت قدمه استحال عدمه ، فعلمه أزلي أبدي منزّه عن قبول الزيادة والنقصان بخلاف علوم أرباب العرفان (قادرا بقدرته) أي بقدرته التي هي صفته الأزلية لا بقدرة حادثة في الأمور الكونية ، (والقدرة صفة في الأزل) وكذا نعته في المستقبل (متكلّما بكلامه) أي الذاتي القدسي (والكلام) أي النفسي (صفة في الأزل وخالقا بتخليقه والتخليق صفة في الأزل وفاعلا بفعله والفعل). أي وفعله كما في نسخة (صفة في الأزل) يعني إذا خلق شيئا ابتداء وفعله فعلا انتهاء فإنما يخلقه ويفعله بفعله الذي هو صفته الأزلية لا بفعل حادث
__________________
(١) نوح : ١.
(٢) المزّمّل : ١٦.