كلها بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره والطاعات كلها كانت واجبة بأمر الله تعالى وبمحبته وبرضاه وعلمه ومشيئته وقضائه وتقديره والمعاصي كلها بعلمه وقضائه وتقديره ومشيئته لا بمحبته ولا برضائه ولا بأمره.
____________________________________
(كلها) أي جميعها من خيرها وشرها ، وإن كانت مكاسبهم (بمشيئته) أي بإرادته (وعلمه) أي بتعلق علمه (وقضائه وقدره) أي على وفق حكمه وطبق قدر تقديره ، فهو مريد لما يسميه شرّا من كفر ومعصية كما هو مريد للخير من إيمان وطاعة (والطاعات كلها) أي جنسها بجميع أفرادها الشامل لواجبها وندبها (ما كانت) أي قليلة أو كثيرة (واجبة) أي ثابتة (بأمر الله تعالى) أي بإقامتها في الجملة حيث قال الله تعالى : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (١). (وبمحبته) أي لقوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (٢) (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (٣) (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (٤). (وبرضائه) أي لقوله تعالى في حق المؤمنين (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (٥) (وعلمه) أي لتعلق علمه سابقا في عالم الشهود وتحققه لاحقا في عالم الوجود (ومشيئته) أي بإرادته (وقضائه) أي حكمه (وتقديره) أي بمقدار قدره أولا وكتبه في اللوح المحفوظ وحرّره ثانيا وأظهره في عالم الكون وقرّره ثالثا ثم يجزيه جزاء وافيا في عالم العقبى رابعا (والمعاصي كلها) أي صغيرها وكبيرها (بعلمه وقضائه وتقديره ومشيئته) إذ لو لم يردها لما وقعت (لا بمحبته) أي لقوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) (٦) (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (٧) (ولا برضائه) أي لقوله تعالى : (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) (٨) ولأن الكفر يوجب المقت الذي أشد الغضب وهو ينافي رضى الرب المتعلق بالإيمان وحسن الأدب (ولا بأمره) أي لقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) ، وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) (٩). فالنهي ضد الأمر فلا يتصور أن يكون الكفر بالأمر وهذا
__________________
(١) الأنفال : ٤٦.
(٢) آل عمران : ٧٦.
(٣) آل عمران : ١٣٤.
(٤) البقرة : ٢٢٢.
(٥) المائدة : ١١٩.
(٦) آل عمران : ٣٢.
(٧) آل عمران : ٥٧.
(٨) الزمر : ٧.
(٩) النحل : ٩٠.