____________________________________
فصل في المرض والموت والقيامة
من قال : كان الله ولم يكن شيء أي معه ، أو قبله وسيكون الله ولا يكون شيء كفر ، لأنه قول بفناء الجنة والنار أي وهما باقيتان لقوله تعالى في حقهما وأهلهما : (خالِدِينَ فِيها أَبَداً). ولا عبرة بقول الجهمية وخلافهم في هذه القضية ، ومن قال لمن برأ من مرضه : فلان أرسل الحمار ثانيا ، ومن قال لمن مات بذل روحه لك ، أو قال للمعمّر ما نقص من روحه ليزيد في روحك يخشى عليه الكفر ، أي إن اعتقد وقوع ذلك لقوله تعالى : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ) (١) ، ولقوله تعالى : (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها) (٢) وإلا فيكون كاذبا في قوله تعالى ، ولو قال : زاد الله في روحك فهذا خطأ وجهل ومذهب غير أهل السداد قلت : وكذا إذا قال زاد الله في عمرك وأطال الله عمرك وأبقاك الله ونحو ذلك قال وكذا إذا قال : نقص من روحه ، وزاد في روحك.
ومن قال : فلان مرد بجان تو سيرد كفر أي لأنه خالف قوله تعالى : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) (٣). والظاهر أن يكون كذبا لا كفرا. ثم اعلم أنه إلى هنا من كلام الجامع حيث ما نسبه إلى أحد ، ثم قال على ما في نسخة ...
وفي فتاوى قاضي خان من قال : فلان لا يموت بنفسه يخشى عليه الكفر أي إن أراد أنه لا يموت إلا بالقتل ، وإلا فكل أحد لا يموت بنفسه ، وإنما يموت بإماتة الله له وقبض ملك الموت لروحه ، ومن قال أماته الله قبل موته كفر ، أي إذا أراد إخبارا بخلاف ما إذا قصد دعاء.
ومن قال : كان ينبغي الميت لله أو لا ينبغي لله كفر ، أي إذا أراد أنه كان يليق وجود الميت ، أو نفيه لله ، ومن قال لمن مات ابنه : كان ينبغي لله أو لا ينبغي لله أن يقبضه كفر ، ومن قال : فلان أعطى روحه السيد أو لفلان أو أبقى روحه له ، ومن قال لميت : كان الله أحوج إليه منكم كفر أي ، لأن الله هو الغني الحميد والصمد المجيد لا يحتاج إلى أحد ، وكل أحد محتاج إليه.
ثم قال : واعلم أن من أنكر القيامة أو الجنة أو النار أي وجودهما في الجملة
__________________
(١) فاطر : ١١.
(٢) المنافقون : ١١.
(٣) السجدة : ١١.