والكلام ...
____________________________________
الْخَبِيرُ) (١). وقال أيضا : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٢). وقال : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى) (٣) ، ثم في قوله تعالى : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ) (٤). إيماء إلى أن المخلوقات ما هو عالم والعلم صفة كمال ، ويمتنع أن لا يكون الخالق عالما فهو كما قال الطحاوي : لم يخف عليه شيء قبل أن يخلقهم وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم ، بل كما قال بعض المحقّقين من أنه سبحانه وتعالى يعلم ما كان من بدء المخلوقات ، وما يكون من أواخر الموجودات لقوله تعالى : (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (٥). وما لم يكن أن لو كان كيف كان يكون كما قال الله تعالى : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٦). وكما قال أيضا : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) (٧). وإن كان يعلم أنهم لا يردّون ولكن أخبر أنهم لو ردّوا لعادوا إليه.
وفي ذلك ردّ على الرافضة والقدرية الذين قالوا إنه لا يعلم الشيء قبل أن يخلقه ويوجده ، (والكلام) أي من الصفات الذاتية فإنه سبحانه متكلم بكلامه الذي هو صفته الأزلية المعبّر عنها بالظن المسمّى بالقرآن المركّب من الحروف ، وذلك أن كل من يأمر وينهى ويخبر بخبر يجد من نفسه معنى ، ثم يدل عليه بالعبارة ، أو بالكتابة ، أو الإشارة وهو غير العلم إذ قد يخبر الإنسان عمّا لا يعلمه ، بل يعلم خلافه وغير الإرادة لأنه قد يأمر بما لا يريده كمن أمر عبده قصدا إلى إظهار عصيانه وعدم امتثاله لأوامره ويسمى هذا الكلام نفسيّا كما أخبر الله عزوجل عن هذا المرام بقوله : (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ) (٨). وفي شعر الأخطل :
__________________
(١) الملك : ١٤.
(٢) الأنعام : ٥٩.
(٣) الأنعام : ٦٠.
(٤) الملك : ١٤.
(٥) الحج : ١.
(٦) الأنفال : ٢٣.
(٧) الأنفال : ٢٨.
(٨) المجادلة : ٨.