____________________________________
الدنيا ، أو يكلّمني شفاها كفر. انتهى.
لكن الإقدام على التكفير بمجرد دعوى الرؤية من الصعب الخطير فإن الخطأ في إبقاء ألف كافر أهون من الخطأ في إفناء مسلم في الفرض ، والتقدير : فالصواب ما قدّمناه من الجواب أنه إن انضم مع الدعوى ما يخرج به عن عقيدة أهل التّقى فيحكم عليه بأنه من أهل الضلالة والرّدى والسلام على من اتّبع الهدى.
ومنها : رؤية الله سبحانه وتعالى في المنام فالأكثرون على جوازها من غير كيفية وجهة وهيئة في هذا المرام ، فقد نقل أن الإمام أبا حنيفة قال : رأيت ربّ العزّة في المنام تسعا وتسعين مرة ، ثم رآه مرة أخرى تمام المائة ، وقصتها طويلة لا يسعها هذا المقام.
ونقل عن الإمام أحمد رضي الله عنه أنه قال : رأيت ربّ العزّة في المنام ، فقلت : يا رب! بم يتقرّب المتقربون إليك؟ قال : بكلامي يا أحمد. قلت : يا رب! بفهم أو بغير فهم؟ قال : بفهم وبغير فهم (١) ، وقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : «رأيت ربي في المنام» (٢). وقد روي عن كثير من السلف في هذا المقام وهو نوع مشاهدة يكون بالقلب للكرام فلا وجه للمنع عن هذا المرام مع أنه ليس باختيار أحد من الأنام ، وقد ورد عنه صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «رأيت ربي في أحسن صورة» (٣). وفي رواية في صورة شاب (٤) ، فقال الإمام الرازي في تأسيس التقديس ، يجوز أن يرى النبي ربه في المنام في صورة مخصوصة من الأنام ، لأن الرؤيا من تصرفات الخيال ، وهو غير منفك عن الصور المتخيلة في عالم المثال. انتهى.
وقد قال بعض مشايخنا : إن الله تعالى سبحانه تجليات صورية في العقبى ، وبه
__________________
ـ الأنموذج للزمخشري في النحو.
(١) لم يصح عن الإمام أحمد ذلك وإذا فرضنا جدلا أن ذلك صحيح فإنه مخالف لقوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) [محمد : ٢٤]. قال الحافظ ابن كثير في تفسيره لهذه الآية ٤ / ١٦٢ : «يقول تعالى أمرا بتدبّر القرآن وتفهّمه ناهيا عن الإعراض عنه (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ...) أي بل على قلوب أقفالها ، فهي مطبقة لا يخلص إليها شيء من معانيه ...». ا. ه.
(٢) قطعة من حديث صحيح طويل أخرجه أحمد ١ / ٣٦٨ ، والترمذي ٣٢٣١ و ٣٢٣٢ ، من حديث ابن عباس ، وأحمد ٥ / ٢٤٣ ، والترمذي ٣٢٣٣ من حديث معاذ بن جبل.
(٣) أخرجه أحمد ٤ / ٦٦ و ٥ / ٣٧٨ من حديث عبد الرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم.
(٤) لم تصحّ هذه الرواية ولم يذكرها أئمة الحديث في كتبهم.