لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته الذاتية والفعلية ، أما الذاتية فالحياة والقدرة
____________________________________
المعتزلة والرافضة يسمّون كلّ من أثبت شيئا من الصفات ، أو قال برؤية الذات مشبّها والمشهور عند الجمهور من أهل السّنّة والجماعة أنهم لا يريدون بنفي التشبيه نفي الصفات ، بل يريدون أنه سبحانه لا يشبه المخلوق في أسمائه وصفاته وأفعاله كما بيّنه الإمام بيانا شافيا (لم يزل) أي فيما مضى (ولا يزال) أي فيما يبقى (بأسمائه) أي منعوتا بأسمائه ، (وصفاته الذاتية) كالعلم والحياة والكلام وهي قديمة بالاتفاق (والفعلية) أي موصوفا بصفاته الفعلية كالخلق والرزق ونحوهما ، فمذهب الماتريدي أنها قديمة ومذهب الأشاعرة أنها حادثة والنزاع لفظي عند أرباب التدقيق كما يتبين عند التحقيق ...
وبيانه أن واجب الوجود لذاته واجب الوجود من جميع جهاته كأسمائه وصفاته والمعنى أنه ليست له صفة منتظرة ولا حالة متأخرة إذ ليست ذاته محلا للإعراض فإن ذاته كافية في حصول جميع ما له من الصفات والحالات التي بها تتم الأعراض ، ولأنه لو لم تكن ذاته كافية في حصول ذلك لكانت محتاجة إلى ظهور الغير هنا لك ، وكل محتاج إلى الغير فهو ممكن الوجود وقد ثبت أنه واجب الوجود. قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (١). أي غنيّ بذاته وصفاته عن ظهور مصنوعاته وهو حميد بنعوته وأسمائه سواء حمده أو لم يحمده أحد من سواه ، فهو منزّه عن التغيّر والانتقال ، بل لا يزال في نعوته الفعلية منزّها عن الزوال وفي صفاته الذاتية مستغنيا عن الاستكمال. ولا يلزم من حدوث متعلقات هذه الصفات حدوث الصفات كالمخلوق والمرزوق والمسموع والمبصر وسائر الكائنات وجميع المعلومات (أما الذاتية) أي الإجماعية (فالحياة) وهي صفة أزلية تقتضي صحة العلم لموصوفها ، (والقدرة) أي وكذا القدرة صفة أزلية تؤثّر في المقدورات عند تعلّقها بها ، والمعنى : أن الله تعالى حيّ بحياته التي هي صفته الأزلية الأبدية ، وقادر بقدرته التي هي صفته الأزلية السرمدية والمعنى : أنه إذا قدر على شيء فإنما يقدر عليه بقدرته القديمة لا بالقدرة الحادثة ، كما توجد للأشياء الممكنة فهو الحيّ القيّوم أي القائم بذاته المقيم لموجوداته ، وأنه يحيي الموتى من العدم بداية ومن بعد إماتتهم إعادة ، وهو على كل شيء قدير حيث خلق الخلق وأعطاهم الحياة والقدرة والرزق ومعنى كونه
__________________
ـ التفسير وغريب الحديث والعربية ، وأكثرها مطبوع متداول. توفي سنة ٥٣٨ ه. مترجم في سير أعلام النبلاء ٢٠ / ١٥١ ـ ١٥٦.
(١) فاطر : ٥١.