والجنة والنار مخلوقتان اليوم ...
____________________________________
في الجنة مسيرة شهر وزواياه سواء ماؤه أبيض من اللبن ، وريحه أطيب من المسك ، وطعمه ألذ وأحلى من العسل ، وأبرد من الثلج ، وألين من الزبد ، وحافّتاه من الزبرجد وأوانيه من الفضة وكيزانه كنجوم السماء من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا» (١). وعن أكثر السلف : هو الخير الكثير (٢) وفي الأحاديث الصحاح هو نهر في الجنة عليه خير كثير ترد عليه أمتي يوم القيامة (٣) ، وقيل : هو النبوّة والقرآن (٤) (والجنة والنار مخلوقتان اليوم) أي موجودتان الآن قبل يوم القيامة لقوله تعالى : في نعت الجنة (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ). وفي وصف النار : (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) ، وللحديث القدسي : «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» (٥) ، ولحديث الإسراء (٦) : أدخلت الجنّة وأريت النار». وهذه الصيغة موضوعة للمضي حقيقة فلا وجه للعدول عنها إلى المجاز إلا بصريح آية ، أو صحيح دلالة وفي المسألة خلاف للمعتزلة.
ثم الأصح أن الجنة في السماء ويدل عليه قوله تعالى : (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) (٧). وقوله عليه الصلاة والسلام «سقف الجنة عرش الرحمن» (٨). وقيل :
__________________
ـ تخريجها رحمهالله.
(١) أخرجه البخاري ٦٥٧٩ ، ومسلم ٢٢٩٢ ، والبيهقي في «البعث والنشور» ١٤٠ ، وابن حبان ٦٤٥٢ ، وابن مندة في «الإيمان» ١٠٧٦ و ١٠٦٧ ، وابن أبي عاصم في «السّنّة» ٧٢٨ كلهم من حديث عبد الله بن عمرو.
(٢) يشير المصنّف إلى ما رواه البخاري ٤٩٦٦ و ٦٥٧٨ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الكوثر : هو الخير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر قلت لسعيد بن جبير : فإن الناس يزعمون أنه نهر في الجنة ، فقال سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.
(٣) هو بعض حديث أخرجه مسلم ٤٠٠ ، وأبو داود ٤٧٤٧ ، والنسائي ٢ / ١٣٣ و ١٤٤ ، وأحمد ٣ / ١٠٢ كلهم من حديث أنس بن مالك.
(٤) والقائل هو عكرمة كما ذكر ذلك الحافظ ابن كثير في تفسيره ٤ / ٥٠٩.
(٥) أخرجه البخاري ٤٧٨٠ ، والترمذي ٣١٩٧ و ٣٢٩٢ ، وابن ماجة ٤٣٢٨ ، وأحمد ٢ / ٤٦٦ كلهم من حديث أبي هريرة.
(٦) حديث الإسراء من رواية أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة أخرجه البخاري ٣٢٠٧ و ٣٨٨٧ ، ومسلم ١٦٤ ، والنسائي ١ / ٢١٧ ، وأحمد ٤ / ٢٠٨ و ٢١٠ ، والطبراني في الكبير ١٩ / ٥٩٩ ، وابن حبان ٤٨ ولا توجد فيه هذه الصيغة التي ذكرها المصنّف. انظر تفسير ابن كثير ٣ / ٤ ـ ٢١. فقد استقصى جميع طرق حديث الإسراء رحمهالله.
(٧) النجم : ١٤.
(٨) أخرجه الديلمي في الفردوس ٣٥٢٧ من حديث أنس بن مالك.