وشفاعة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حق وشفاعة نبيّنا عليه الصلاة والسلام للمؤمنين المذنبين ولأهل الكبائر منهم المستوجبين العقاب حق ثابت ....
____________________________________
المتساويين في الذنب دون الآخر لأنه لا تفاوت في فضله وعده فخطأ فاحش مخالف للكاتب والسّنّة وتحكّم على الله تعالى في مقام الإرادة والمشيئة ، وقد قال الله تعالى : (أَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) (١). وحاصل المرام في هذا المقام أن أمره سبحانه بالنسبة إلى عباده لا يخلو عن عدله وفضله على وفق مراده ، مع أنه قد ورد في حديث روي موقوفا ومرفوعا : «لو أن الله عذّب أهل سماواته ، وأهل أرضه عذّبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم» (٢). رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة رضي الله تعالى عنهم ، (وشفاعة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام) أي عموما في المقصود (وشفاعة نبيّنا صلىاللهعليهوسلم) أي خصوصا في المقام المحمود واللواء الممدود والحوض المورود (للمؤمنين المذنبين) أي من أهل الصغائر المستحقين للعقاب (ولأهل الكبائر منهم المستوجبين العقاب حق ثابت) فقد ورد : «شفاعتي لأهل الكبائر في أمتي» (٣). رواه أحمد وأبو داود والترمذي ، وابن حبان ، والحاكم عن أنس والترمذي ، وابن ماجة ، وابن حبّان ، والحاكم عن جابر والطبراني ، عن ابن عباس ، والخطيب ، عن ابن عمر ، وعن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنهم ، فهو حديث مشهور في المبنى ، بل الأحاديث في باب الشفاعة متواترة ، المعنى ومن الأدلة على تحقيق الشفاعة قوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ
__________________
(١) الحديد : ٢٩.
(٢) هو قطعة من حديث مطوّل حسن ، أخرجه أبو داود ٤٦٩٩ ، وابن ماجة ٧٧ ، وأحمد ٥ / ١٨٢ ـ ١٨٣ و ١٨٥ و ١٨٩ من حديث ابن الديلمي ، قال : أتيت أبيّ بن كعب ، فقلت له : وقع في نفسي شيء من القدر ، فحدّثني بشيء ، لعل الله أن يذهبه من قلبي ، قال : لو أن الله عذب ...
فذكره ، فقال ثم أتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل ذلك ، قال : ثم أتيت حذيفة ، فقال مثل ذلك ، قال : ثم أتيت زيد بن ثابت ، فحدّثني عن النبي صلىاللهعليهوسلم مثل ذلك. وأخرجه ابن حبان ١٨١٧ ، وابن أبي عاصم ٢٤٥ ، والآجري في الشريعة ص ١٨٧ ، والطبراني في الكبير ٤٩٤٠ ، واللالكائي في السّنّة ١٠٩٣ و ١٢٣٢.
(٣) حديث صحيح بطرقه وشواهده ، أخرجه أبو داود ٤٧٣٩ ، والترمذي ٢٤٣٥ ، وأحمد ٣ / ٢١٣ ، والطيالسي ٢٠٢٦ ، وأبو نعيم في الحلية ٧ / ٢٦١ ، والطبراني في الصغير ١ / ١٦٠ من حديث أنس ، وصحّحه ابن حبان ٢٥٩٦ ، والحاكم ١ / ٦٩ ، وأخرجه الترمذي ٢٤٣٦ ، وابن ماجة ٤٣١٠ ، والطيالسي ١٦٦٩ ، وأبو نعيم في الحلية ٣ / ٢٠٠ ـ ٢٠١ من حديث جابر بن عبد الله ، وصحّحه الحاكم ١ / ٦٩ ، وأخرجه الطبراني ١١٤٥٤ من حديث ابن عباس ، والخطيب البغدادي ٨ / ١١ من حديث ابن عمر.