____________________________________
وفي الملتقط (١) إن رجلا له على آخر دين لا يقدر على استيفائه كان إبراؤه خيرا له من أن يدعه عليه ، وفي القنية : تصافح الخصمين لأجل العذر استحلال.
وعن شرف الأئمة (٢) : إذا تشاتما يجب الاستحلال عليهما. انتهى. وفيه ورد على ما اشتهر بين العوام أن الغيبة فاشية حتى بيّن العلماء الأعلام فكل واحد منهم له حق في ذمة الآخر منهم فيحصل التقاصّ فيما بينهم. وفي القنية : سلم المؤذي على المؤذى مرة بعد أخرى وكان يردّ عليهالسلام ويحسن إليه حتى غلب على ظنه أنه قد برئ منه ، ورضي عنه لا يعذر والاستحلال واجب عليه ، وعن شرف الأئمة المكي : آذاه ولا يستحله للحال لأنه يقول : هو ممتلئ غضبا فلا يعفو عني لا يعذر في التأخير ، قال الكرماني في منسكه : ثم إذا تاب توبة صحيحة صارت مقبولة غير مردودة قطعا من غير شك وشبهة بحكم الوعد بالنص أي : قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) (٣) الآية. ولا يجوز لأحد أن يقول : إن قبول التوبة الصحيحة في مشيئة الله تعالى ، فإن ذلك جهل محض ، ويخاف على قائله الكفر لأنه وعد قبول التوبة قطعا من غير شك في قبول توبته ، وإذا تشكّك التائب في قبول توبته إذا كانت صحيحة فإنه بتلك التوبة والاعتقاد به يكون مذنبا بذنب أعظم من الأول نعوذ بالله من ذلك ومن جميع المهالك. انتهى.
وتوضيحه ما ذكره الإمام الغزالي من أن التوبة إذا استجمعت شرائطها فهي مقبولة لا محالة ، ثم قال : ومن تاب فإنما يشك في قبول توبته لأنه ليس يستيقن حصول شروطها ، ولو تصوّر أن يعلم ذلك لتصوّر أن يعلم القبول في حق الشخص المعين ، ولكن هذا الشك في الأعيان لا يشكّكنا في أن التوبة في نفسها طريق القبول لا محالة انتهى. وهو غاية المنتهى فلنرجع إلى المدّعي فإن النهاية هي الرجوع إلى البداية ، ونقول : وقولهم في تعريف التوبة : إذا قدر لأن من القدرة على الزنا وسلب انقطع طمعه عن عود القدرة إليه إذا عزم على تركه لم يكن ذلك توبة منه ، كذا في المواقف ، وقال شارحه : وفيه بحث لأن قوله : إذا قدّر ظرف لترك الفعل المستفاد من قوله : أن لا يعود ، وإنما قيّد به لأن
__________________
(١) هو الملتقط في الفتاوى الحنفية للإمام ناصر الدين أبي القاسم محمد بن يوسف الحسيني السمرقندي المتوفّى سنة ٥٥٦ ه.
(٢) هو محمود الترجماني برهان الدين شرف الأئمة المكي الخوارزمي ، إمام كبير كان موجودا في عصر التمرتاشي ومحمود التاجري وكان ابنه علاء الملة محمد قد بلغ رتبة الاجتهاد في زمانه وإليهما تنتهي رئاسة المذهب الحنفي في زمانهما.
(٣) الشورى : ٢٥.