قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام الأعظم أبي حنيفة

شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام الأعظم أبي حنيفة

شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام الأعظم أبي حنيفة

تحمیل

شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام الأعظم أبي حنيفة

232/336
*

____________________________________

الدين ، وبدليل قول سليمان عليه‌السلام غير هذا أوفق للفريقين ، أو أرفق كأنه قال هذا حق وغيره أحق ، وفيه إيماء إلى أن ترك الأولى من الأنبياء عليهم‌السلام بمنزلة الخطأ من العلماء ، فإن حسنات الأبرار سيئات المقرّبين ولا يخفى أنه لا يتم على من قال باستواء الحكمين ، ثم اعلم أن للأنبياء عليهم‌السلام أن يجتهدوا مطلقا وعليه الأكثر ، أو بعد انتظار الوحي وعليه الحنفية واختاره ابن الهمام في التحرير وإذا اجتهدوا فلا بدّ من إصابتهم ابتداء ، وانتهاء كما في المسايرة.

ومنها : أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص فإن حقيقة الإيمان وهو التصديق القلبي الذي بلغ حدّ الجزم والإذعان كما هو المشهور عند الجمهور ، وإن مال شارح العقائد وصاحب المواقف إلى اعتبار الغالب الذي لا يخطر معه احتمال النقيض ، فهو أيضا لا يتصوّر فيه زيادة ونقصان حتى أن من حصل له حقيقة التصديق فسواء أتى بالطاعات ، أو ارتكب السيئات فتصديقه باق على حاله لا تغيّر فيه أصلا ، والآيات الدالّة على زيادة الإيمان محمولة على ما ذكره الإمام أبو حنيفة رحمه‌الله أنهم كانوا آمنوا في الجملة ، ثم يأتي فرض بعد فرض ، فكانوا يؤمنون بكل فرض خاص ، وهذا التأويل بعينه مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما ففي الكشاف عنه أن أول ما أتاهم به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم التوحيد ، فلما آمنوا بالله وحده أنزل الصلاة والزكاة ، ثم الحج ، ثم الجهاد وازداد إيمانا إلى إيمانهم. انتهى.

وتقديم الحج على الجهاد سبق قلم من صاحب الكشاف إذ الجهاد فرض قبل الحج بلا خلاف ، وحاصل كلام الإمام أن الإيمان كان يزيد بزيادة ما يجب الإيمان به ، وهذا مما لا يتصوّر في غير عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال شارح العقائد : وفيه نظر ، لأن الاطّلاع على تفاصيل الفرائض ممكن في غير عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والجواب أن تلك التفاصيل لمّا كان الإيمان بها برمّتها إجمالا فبالاطّلاع عليها لم ينقلب الإيمان من النقصان إلى الزيادة ، بل من الإجمال إلى التفصيل فقط بخلاف ما في عصره عليه الصلاة والسلام فإن الإيمان لمّا كان عبارة عن التصديق بكل ما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من عند الله ، فكلما ازدادت تلك الجملة ازداد التصديق المتعلق به لا محالة ، وأما قوله : ولا خفاء في أن التفصيلي أزيد بل أكمل فكونه أزيد ممنوع ، وأما كونه أكمل فمسلّم إلا أنه غير مفيد ، وأما ما نقل عن إمام الحرمين كما في شرح المقاصد من أن الثبات والدوام على الإيمان زيادة عليه في كل ساعة ، وحاصله أنه يزيد بزياد الأزمان لمّا أنه عرض لا يبقى إلا بتجدّد الأمثال فأجاب عنه شارح العقائد بأن حصول