قائمة الکتاب
مسألة في أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص
٢٣٢
إعدادات
شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام الأعظم أبي حنيفة
شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام الأعظم أبي حنيفة
تحمیل
____________________________________
الدين ، وبدليل قول سليمان عليهالسلام غير هذا أوفق للفريقين ، أو أرفق كأنه قال هذا حق وغيره أحق ، وفيه إيماء إلى أن ترك الأولى من الأنبياء عليهمالسلام بمنزلة الخطأ من العلماء ، فإن حسنات الأبرار سيئات المقرّبين ولا يخفى أنه لا يتم على من قال باستواء الحكمين ، ثم اعلم أن للأنبياء عليهمالسلام أن يجتهدوا مطلقا وعليه الأكثر ، أو بعد انتظار الوحي وعليه الحنفية واختاره ابن الهمام في التحرير وإذا اجتهدوا فلا بدّ من إصابتهم ابتداء ، وانتهاء كما في المسايرة.
ومنها : أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص فإن حقيقة الإيمان وهو التصديق القلبي الذي بلغ حدّ الجزم والإذعان كما هو المشهور عند الجمهور ، وإن مال شارح العقائد وصاحب المواقف إلى اعتبار الغالب الذي لا يخطر معه احتمال النقيض ، فهو أيضا لا يتصوّر فيه زيادة ونقصان حتى أن من حصل له حقيقة التصديق فسواء أتى بالطاعات ، أو ارتكب السيئات فتصديقه باق على حاله لا تغيّر فيه أصلا ، والآيات الدالّة على زيادة الإيمان محمولة على ما ذكره الإمام أبو حنيفة رحمهالله أنهم كانوا آمنوا في الجملة ، ثم يأتي فرض بعد فرض ، فكانوا يؤمنون بكل فرض خاص ، وهذا التأويل بعينه مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما ففي الكشاف عنه أن أول ما أتاهم به النبي صلىاللهعليهوسلم التوحيد ، فلما آمنوا بالله وحده أنزل الصلاة والزكاة ، ثم الحج ، ثم الجهاد وازداد إيمانا إلى إيمانهم. انتهى.
وتقديم الحج على الجهاد سبق قلم من صاحب الكشاف إذ الجهاد فرض قبل الحج بلا خلاف ، وحاصل كلام الإمام أن الإيمان كان يزيد بزيادة ما يجب الإيمان به ، وهذا مما لا يتصوّر في غير عصر النبي صلىاللهعليهوسلم.
قال شارح العقائد : وفيه نظر ، لأن الاطّلاع على تفاصيل الفرائض ممكن في غير عصر النبي صلىاللهعليهوسلم ، والجواب أن تلك التفاصيل لمّا كان الإيمان بها برمّتها إجمالا فبالاطّلاع عليها لم ينقلب الإيمان من النقصان إلى الزيادة ، بل من الإجمال إلى التفصيل فقط بخلاف ما في عصره عليه الصلاة والسلام فإن الإيمان لمّا كان عبارة عن التصديق بكل ما جاء به النبي صلىاللهعليهوسلم من عند الله ، فكلما ازدادت تلك الجملة ازداد التصديق المتعلق به لا محالة ، وأما قوله : ولا خفاء في أن التفصيلي أزيد بل أكمل فكونه أزيد ممنوع ، وأما كونه أكمل فمسلّم إلا أنه غير مفيد ، وأما ما نقل عن إمام الحرمين كما في شرح المقاصد من أن الثبات والدوام على الإيمان زيادة عليه في كل ساعة ، وحاصله أنه يزيد بزياد الأزمان لمّا أنه عرض لا يبقى إلا بتجدّد الأمثال فأجاب عنه شارح العقائد بأن حصول